و أنه من الطلقاء

الشّرح:
قال ابن تيمية: «أمّا قوله: أنه الطليق ابن الطليق. فهذا ليس نعت ذم، فإن الطلقاء هم مسلمة الفتح الذين أسلموا عام فتح مكة وأطلقهم النبي…»(1).
أقول:
قال ابن الأثير: «الطلقاء هم الذين خلّى عنهم يوم فتح مكة وأطلقهم، ولم يسترقهم، واحدهم طليق، فعيل بمعنى مفعول، وهو الأسير إذا أطلق سبيله»(2).
أليس هذا نعت ذم؟ فمن لم يسلم طوعاً تلك السنين المتمادية منذ البعثة إلى فتح مكة فوقع أسيراً، فكان يكون رقاً، لكنه صلّى اللّه عليه وآله لم يسترقه بل منّ عليه فأطلق سبيله، كيف لا يذم؟
بل في عبارة الرجل نفسه إشارة إلى ذلك وإن كان لا يشعر! إنه يقول «…وأطلقهم النبي» فلو لم يكن أسر واسترقاق فما معنى «وأطلقهم»؟
هذا، ولو لم يكن نعت ذم ونقص، فلماذا قال عمر: «هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثم في أهل أحد ما بقي منهم أحد، ثم في كذا وكذا. وليس فيها لطليق ولا لولد طليق، ولا لمسلمة الفتح شيء»(3).
وعن عبد الرحمن بن غنم الأشعري: «وأي مدخل لمعاوية في الشورى، وهو من الطلقاء الذين لا تجوز لهم الخلافة؟ وهو وأبوه من رؤوس الأحزاب»(4).
وفوق ذلك ما عن عائشة وقد قيل لها: ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب رسول اللّه في الخلافة؟ فقالت: «وما تعجب من ذلك؟ وهو سلطان اللّه يؤتيه للبرّ والفاجر، وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة، وكذلك غيره من الكفّار»(5).

(1) منهاج السنّة 4 / 381.
(2) النهاية في غريب الحديث: «طلق».
(3) الطبقات الكبرى 3 ق 1 / 248، أسد الغابة 4 / 387.
(4) الإستيعاب 2 / 851 ، أسد الغابة 3 / 318.
(5) تاريخ ابن كثير 8 / 131.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *