كيفيّة العمامة
الشرح:
كالسنّة في العمامة، فإنهم بعد أن رووا السّنة النبويّة فيها قال بعضهم: «وصار اليوم شعاراً لفقهاء الإمامية، فينبغي تجنّبه لترك التشبّه بهم»(1). وهم في جميع هذه البدع تبع لإمام أهل البغي معاوية، فقد ذكر الزمخشري أن أوّل من اتّخذ التختم باليسار خلاف السنّة هو معاوية(2).
ثم إن الغرض من مخالفة السنّة النبويّة في جميع هذه المواضع هو بغض أمير المؤمنين المحافظ عليها والمروِّج لها، وقد جاء التصريح بهذا في بعض تلك المواضع، كقضيّة ترك التلبية.
فقد أخرج النسائي والبيهقي عن سعيد بن جبير قال: «كان ابن عباس بعرفة، فقال: يا سعيد، ما لي لا أسمع الناس يلبُّون؟ فقلت: يخافون. فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبّيك اللهم لبّيك، وإن رغم أنف معاوية. اللهم العنهم فقد تركوا السنّة من بغض علي»(3).
قال السندي في تعليق النسائي: «أي لأجل بغضه. أي وهو كان يتقيّد بالسنن، فهؤلاء تركوها بغضاً له»(4).
فالقوم إنما يخالفون ما عليه الإمامية بغضاً للنبي وأمير المؤمنين عليه السلام، فأيّ القوم أحق بأن يسمى بـ(أهل السنة)إن كان المراد هو السنة النبوية لا الأموية؟!
قال قدس سره: فانظر إلى من يغيِّر الشريعة ويبدِّل الأحكام التي ورد بها حديث النبي صلّى اللّه عليه وآله ويذهب إلى ضد الصّواب معاندةً لقوم معيّنين، هل يجوز اتّباعه والمصير إلى أقواله؟
الشرح:
يعترف ابن تيمية بكلّ هذه المخالفات والتغييرات للشريعة المطهّرة وأحكامها المحكمة، بل يوجهها بقوله: «ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبّات إذا صارت شعاراً لهم، فإنه وإن لم يكن الترك واجباً لذلك، لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم، فلا يتميّز السنّي من الرافضي، ومصلحة التميّز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب»(5).
قلت: قد عرفت من (السني) أي التابع لسنّة النبي صلّى اللّه عليه وآله، ومن (الرافضي) أي الرافض لها.. فعرفت من يجب هجره ومخالفته!
إلا أن الرجل يرمي الإمامية بالتعصب، وأنه لا يعلم طائفة أعظم تعصبّاً في الباطل منهم، ثم يذكر أمثلة من تعصبّاتهم كقوله: «إن فيهم من حرّم لحم الجمل لأن عائشة قاتلت على جمل» و«أنهم لا يذكرون اسم العشرة، بل يقولون تسعة وواحد; لكونه قد سمي به عشرة من الناس يبغضونهم» و«أنهم إذا وجدوا مسمّى بعلي أو جعفر أو الحسن أو الحسين بادروا إلى إكرامه، مع أنه قد يكون فاسقاً» و«أنهم يبغضون أهل الشام; لكونهم كان فيهم أوّلاً من يبغض عليّاً» وأشياء من هذا القبيل!!
فانظر إلى هذا الرجل الذي يلقّبه بعض متعصّبيهم بـ(شيخ الإسلام) كيف يعارض الأشياء التي ذكرها العلاّمة عن كبار أئمة القوم ممّن (يغير الشريعة ويبدّل الأحكام) مع ذكر أسماء القائلين.. بأشياء مضحكة يجلّ علماء الإمامية من التفوّه بها فضلاً عن ذكرها في الكتب والفتيا بها!!
(1) شرح المواهب اللدنية 5 / 13.
(2) ربيع الأبرار 4 / 24.
(3) سنن النسائي 5 / 253، سنن البيهقي 5 / 113.
(4) حاشية السندي على النسائي 5 / 253.
(5) منهاج السنّة 4 / 154.