كانوا مسلمين
المطلب الثاني: في أن القوم كانوا مسلمين، وأنهم قد أقرّوا بالإسلام، وهذا ما نصّ عليه مشاهير الأئمة في التاريخ والسيرة، كابن إسحاق وابن هشام وابن جرير وابن سعد وغيرهم.
قال ابن سعد: «قالوا: لما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مقيم بمكة، بعثه إلى بني جذيمة داعياً إلى الإسلام ولم يبعثه مقاتلاً، فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار وبني سليم، فانتهى إليهم خالد.
فقال: ما أنتم؟
قالوا: مسلمون، قد صلّينا وصدّقنا بمحمد، وبنينا المساجد في ساحاتنا وأذنّا فيها.
قال: فما بال السلاح عليكم؟
فقالوا: إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة، فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السّلاح.
قال: فضعوا السّلاح. فوضعوه.
فقال لهم: استأسروا، فاستأسر القوم، فأمر بعضهم فكتف بعضاً وفرّقهم في أصحابه.
فلمّا كان في السحر، نادى خالد: من كان معه أسير فليدافه ـ والمدافّة الإجهاز عليه بالسيف ـ فأمّا بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم، وأمّا المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم.
فبلغ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ما صنع خالد فقال: اللهم إني أبرأ إليك ممّا صنع خالد.
وبعث علي بن أبي طالب فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم، ثم انصرف إلى رسول اللّه فأخبره»(1).
هذا، وابن تيمية لم يذكر هنا إسلام القوم! إلا أنه صرّح ـ في مبحث مطاعن أبي بكر ـ بكونهم مسلمين وهذه عبارته:
«فإذا كان النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يقتله ـ مع قتله غير واحد من المسلمين من بني جذيمة للتأويل ـ فلأن لا يقتله أبو بكر لقتله مالك بن نويرة بطريق الأولى والأحرى»(2).
(1) الطبقات الكبرى 2 / 147.
(2) منهاج السنّة 5 / 520 .