وكأنّ آخرين لا يجدون بدّاً من الاعتراف بثبوت التحريم عن عمر، فادّعوا أن تحريمه كان مستنداً إلى ثبوت النسخ عنده عن النبي صلّى اللّه عليه وآله.
قال الرازي بعد نقل قول عمر: «متعتان كانتا..». «فلم يبق إلا أن يقال: كان مراده أن المتعة كانت مباحة في زمن الرسول صلّى اللّه عليه وآله وأنا أنهى عنها، لما ثبت عندي أنه صلّى اللّه عليه وآله نسخها»(1).
وقال النووي: «محمول على أن الذي استمتع في عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ»(2).
لكن لم يبيِّنوا كيف ثبت النسخ عند عمر فقط، ولم يثبت عند علي عليه السلام وأبي بكر وابن عباس وابن مسعود وجابر.. وجمهور الصحابة..؟
وهلاّ أخبر عن هذا الناسخ الثابت عنده! حين قال له ناصحه وهو عمران بن سوادة: «عابت أمتك منك أربعاً… قال: ذكروا أنك حرّمت متعة النساء، وقد كانت رخصة من اللّه نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاثة. قال: إن رسول اللّه أحلّها في زمان ضرورة، ثم رجع الناس إلى سعة…»(3).
ولعلّ منهم من يجيب عن تحريمه متعة النساء بما أجاب ابن حجر عن تحريمه متعة الحج من «أنه منع منه سدّاً للذريعة»(4).
لكنه في الحقيقة التزام بالإشكال واعتراف بالضلال!
(1) تفسير الرازي 3 / 54 .
(2) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 9 / 183.
(3) تاريخ الطبري حوادث سنة 23، 3 / 290.
(4) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 3 / 332.