وثانياً: في «أهل البيت» في الآية فاطمة الزهراء، وقد اعترف غير واحد من أعلام القوم بأفضيّلتها من أبي بكر:
فقد ذكر المناوي بشرح الحديث المتفق عليه بين المسلمين: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني»: «استدلّ به السهيلي(1) على أن من سبّها كفر، لأنه يغضبه، وأنها أفضل من الشيخين».
وقال: «قال الشريف السمهودي: ومعلوم أن أولادها بضعة منها، فيكونون بواسطتها بضعة منه، ومن ثَمَّ لما رأت أم الفضل في النوم أن بضعة منه وضعت في حجرها، أوّلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم بأن تلد فاطمة غلاماً فيوضع في حجرها، فولدت الحسن فوضع في حجرها. فكلّ من يشاهد الآن من ذريّتها بضعة من تلك البضعة وإن تعددت ا لوسائط، ومن تأمل ذلك انبعث من قبله داعي الإجلال لهم وتجنب بغضهم على أي حال كانوا عليه.
قال ابن حجر: وفيه تحريم أذى من يتأذى المصطفى صلّى اللّه عليه وآله بتأذّيه، فكلّ من وقع منه في حق فاطمة شي فتأذّت به، فالنبي صلّى اللّه عليه وآله يتأذى، بشهادة هذا الخبر، ولا شيء أعظم من إدخال الأذى عليها من قبل وُلْدها، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا (وَلَعَذابُ اْلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأبْقى)(2)»(3).
(1) عبد الرحمن بن عبد اللّه، العلامة الأندلسي، الحافظ العلم، صاحب التصانيف، برع في العربية واللغات والأخبار والأثر، وتصدّر للإفادة، من أشهر مؤلفاته: الروض الأنف ـ شرح «السيرة النبوية» لابن هشام ـ توفي سنة 581، له ترجمة في: مرآة الجنان 3 / 422، النجوم الزهراة 6 / 110، العبر 3 / 82، الكامل في التاريخ 9 / 172.
(2) سورة طه 20 : 127.
(3) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 4 / 554 .