قال قدس سره: فلما بلغها قتله فرحت بذلك ثم سألت: من تولّى الخلافة؟ فقالوا: علي عليه السلام فخرجت لقتاله على دم عثمان!
فأيّ ذنب كان لعلي عليه السلام على ذلك؟!
الشرح:
نعم، لقد أجمع المؤرخون على أن عائشة إنما نادت بدم عثمان بعد ما أبلغت بأن أمير المؤمنين عليه السلام قد تولّى الخلافة، وذلك لأنها تريدها لطلحة ولم تشك في أنه هو صاحب الأمر:
قال الطبري: «خرج ابن عباس، فمرّ بعائشة في الصّلصل فقالت: يا ابن عباس، أنشدك اللّه، فإنك قد أعطيت لساناً إزعيلاً، أن تخذّل عن هذا الرجل، وأن تشكّك فيه الناس، فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت ورفعت لهم المنار وتحلبوا من البلدان لأمر قد جم، وقد رأيت طلحة بن عبيد اللّه قد اتخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح، فإن يسر بسيرة ابن عمه أبي بكر».
وقال: «إن عائشة لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة، لقيها عبد ابن أم كلاب ـ وهو عبد بن أبي سلمة، ينسب إلى أمّه ـ .
فقالت له: مهيم؟
قال: قتلوا عثمان فمكثوا ثمانياً.
قالت: ثم صنعوا ماذا؟
قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز، اجتمعوا على علي بن أبي طالب.
فقالت: واللّه ليت أن هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك. ردّوني.
فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل ـ واللّه ـ عثمان مظلوماً، واللّه لأطلبن بدمه.
فقال لها ابن أم كلاب: ولم؟ فواللّه إن أوّل من أمال حرفه لأنت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر.
قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول..»(1).
(1) تاريخ الطبري 3 / 434 ـ 476.