الوجه السّادس
قال قدس سره: السادس: إن الإمامية لما رأوا فضائل أمير المؤمنين وكمالاته لا تحصى، قد رواها المخالف والموافق. ورأوا الجمهور قد نقلوا عن غيره من الصحابة مطاعن كثيرة ولم ينقلوا في علي طعناً ألبتة. اتّبعوا قوله وجعلوه إماماً لهم، حيث نزّهه المخالف والموافق، وتركوا غيره حيث روى فيه من يعتقد إمامته من المطاعن ما يطعن في إمامته.
ونحن نذكر هنا شيئاً يسيراً مما هو صحيح عندهم ونقلوه في المعتمد من كتبهم، ليكون حجّةً عليهم يوم القيامة.
الشرح:
في هذه الفقرة من المتن نقاط ينبغي توضيحها والتأكيد عليها:
1 ـ إن هذا الوجه استدلالٌ عقلي وعليه سيرة العقلاء في سائر أمورهم، فإنه إذا دار الأمر بين أن يُتّبع من له فضائل لا تحصى، اتّفق على روايتها الأتباع له والأتباع لغيره، أو يتبع من ليست له تلك الفضائل حتى في رواية أتباعه، فمن الأولى بالاتّباع عند العقلاء؟
وأيضاً، لو دار الأمر بين من نُقل عنه مطاعن حتى في كتب أتباعه، ومَن لم ينقل عنه مطاعن حتى في كتب أتباع غيره، فمن الأولى بالاتّباع عند العقلاء؟
2 ـ إن المراد من «الاتّباع» لشخص، هو جعله الواسطة بيننا وبين اللّه ورسوله، وليكون العمل بقوله موجباً للنجاة في يوم القيامة، ومن الواضح أن ترتّب الأثر المذكور على اتّباع قول من اتفق الطرفان عليه هو المتيقّن فقط، والعقلاء يتركون سواه من أجله، لو دار الأمر بينه وبين غيره.
3 ـ إن المراد من «الموافق» هم الشيعة الإثنا عشرية، ومن «المخالف» هم جمهور أهل السنة القائلون بإمامة أبي بكر بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، فلا يشمل هذا العنوان «الخوارج» و «الغلاة» المطرودين من طرف أهل السنة والشيعة جميعاً، فلا يعتبر بقول النواصب والخوارج الذين يكفّرون علياً عليه السلام، ولا بقول الغلاة في علي، الذين يكفّرون كلّ من خالفه.
Menu