بل ذكرت المصادر أنه أظهر السرور بقتل الحسين عليه السلام وجلس للتهنئة وقال: بأن الرجل ـ يعني الحسين ـ لم يقرأ كتاب اللّه (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) ثم جعل ينكت بالخيزرانة بين شفتي الحسين وأنشأ يقول:
يفلّقن هاماً من رجال أعزّة *** علينا وهم كانوا أعق وأظلما
وجعل يقول: ما كنت أظن أبا عبد اللّه يبلغ هذا السن».
وروى الذهبي بإسناد له ـ نصّ على قوّته ـ عن حمزة بن يزيد بن الحضرمي: إن حاضنة يزيد قالت: «دخل رجل على يزيد فقال: أبشر، فقد أمكنك اللّه من الحسين، وجئ برأسه. قال: فوضع في طست، فأمر الغلام فكشف، فحين رآه خمر وجهه كأنه شمّ منه، فقلت لها: أقرع ثناياه بقضيب؟ قالت: إي واللّه.
ثم قال حمزة: وقد حدّثني بعض أهلنا أنه رأى رأس الحسين مصلوباً بالشام ثلاثة أيّام.
ثم إن أهله ونسائه أدخلوا عليه وقد قرنوا في الحبال، فوقفوا بين يديه»(1).
وروى ابن الجوزي بإسناده عن الليث عن مجاهد قال: «جئ برأس الحسين بن علي، فوضع بين يدي يزيد بن معاوية، فتمثل بهذين البيتين:
ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل
فأهلّوا واستهلّوا فرحاً *** ثم قالوا لي بغيب لا تشل»(2)
قال ابن الجوزي: «ولو أنه احترم الرأس حين وصوله، وصلّى عليه ولم يتركه في طست، ولم يضربه بقضيب، ما الذي كان يضرّه وقد حصل مقصوده من القتل؟ ولكن أحقاد جاهلية، ودليلها ما تقدم من إنشاده: ليت أشياخي ببدر شهدوا…».
هذا، وسيأتي له شعر آخر عن غير واحد من المصادر يدلّ هو الآخر على كفره.
نعم، ذكروا أنه ندم وجعل يلعن ابن مرجانة، وأمر بإكرام أهل البيت وإقامة المآتم على الحسين وأصحابه عليهم السلام.
وقد جمع غير واحد منهم بين أخبار السرور والندم بما ترى:
(1) ترجمة الحسين بن علي من طبقات ابن سعد: 83، الرد على المتعصب العنيد: 45 ـ 49، الطبري 5 / 463 ـ 465، المنتظم 5 / 341 ـ 342، ابن كثير 8 / 190 ـ 192، سير أعلام النبلاء 3 / 319.
(2) الرد على المتعصب العنيد 42 ـ 48، المنتظم 5 / 343، ابن كثير 8 / 192.