حديث: «علي مع الحق…»
فهو من الأحاديث القطعيّة الثابتة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله. وقد رواه أكثر من عشرين صحابي، منهم:
أمير المؤمنين، أبو بكر، أبو ذر، عمّار، عبد اللّه بن عباس، أبو سعيد الخدري، سلمان، أبو أيّوب الأنصاري، جابر بن عبد اللّه، سعد بن أبي وقاص، عائشة، أم سلمة… .
ورواه أكثر من مائة حافظ ومحدّث وعالم… من أهل السنّة.
فمن رواته قبل ابن تيمية:
الترمذي، في حديث بسنده عن علي عن النبي صلّى اللّه عليه وآله، وقد جاء فيه: «رحم اللّه عليّاً، اللهم أدر الحق معه حيث دار»(1).
والحاكم النيسابوري، رواه بسنده كذلك. وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»(2).
وأخرج بسنده عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: «لمّا سار علي إلى البصرة، دخل على أمّ سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه وآله يودّعها فقالت: سر في حفظ اللّه وفي كنفه، فواللّه إنك لعلى الحق والحق معك، ولولا أني أكره أن أعصي اللّه ورسوله ـ فإنه أمرنا صلّى اللّه عليه وآله أن نقرّ في بيوتنا لسرت معك، ولكن واللّه لأرسلنّ معك من هو أفضل عندي وأعزّ علي من نفسي، ابني عمر».
قال الحاكم بعد أحاديث هذا ثالثها: «هذه الأحاديث الثلاثة كلّها صحيحة على شرط الشيخين ولم يخرجاها».
ووافقه الذهبي(3).
وأبو يعلى، عن أبي سعيد الخدري قال:«كنا عند بيت النبي صلّى اللّه عليه وآله في نفر من المهاجرين والأنصار فقال: ألا أخبركم بخياركم؟ قالوا: بلى. قال: الموفون المطيبون، إن اللّه يحبّ الحفي التقي. قال: ومرّ علي بن أبي طالب فقال: الحق مع ذا، والحق مع ذا»(4).
والبزار، عن سعد بن أبي وقاص في كلام له مع معاوية:«سمعت رسول اللّه يقول: علي مع الحق والحق مع علي حيث كان. قال: من سمع ذلك؟ قال: قاله في بيت أم سلمة. قال: فأرسل إلى أم سلمة فسألها فقالت: قد قاله رسول اللّه في بيتي…»(5).
والطبراني، عن أم سلمة: أنها كانت تقول: «كان علي على الحق، من اتبعه اتّبع الحق ومن تركه ترك الحق، عهد معهود قبل يومه هذا»(6).
والخطيب البغدادي، روى بسنده «عن أبي ثابت مولي أبي ذر قال: دخلت على أم سلمة، فرأيتها تبكي وتذكر عليّاً وقالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول: علي مع الحق والحق مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة»(7).
وابن عساكر «عن أبي ثابت مولى أبي ذر، قال: دخلت على أمّ سلمة..»(8).
والزمخشري، روى حديث أبي ثابت المذكور بزيادة مهمة. وذلك أنه استأذن على أمّ سلمة «فقالت: مرحباً بك يا أبا ثابت. ثم قالت: يا أبا ثابت، أين طار قلبك حين طارت القلوب مطيرها؟ قال: تبع عليّاً. قالت: وفّقت، والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول: علي مع الحق والقرآن والحق والقرآن مع علي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض»(9).
أقول: ومن الحديث الأخير يعلم اتحاد الحديثين: «علي مع الحق والحق مع علي» و«علي مع القرآن والقرآن مع علي»، مع أن كلاًّ منهما عبارة أخرى عن الآخر، وقد أخرجه كثير من الأئمة باللفظ الثاني، ومنهم: الحاكم النيسابوري والذهبي مصحّحين إياه(10).
(1) سنن الترمذي 5 / 297.
(2) المستدرك على الصحيحين 3 / 124 ـ 125.
(3) المستدرك على الصحيحين 3 / 119.
(4) مجمع الزوائد 7 / 234 ـ 235.
(5) مجمع الزوائد 7 / 235 ـ 236.
(6) مجمع الزوائد 9 / 134 ـ 135.
(7) تاريخ بغداد 14 / 322.
(8) تاريخ دمشق 42 / 449.
(9) ربيع الأبرار 1 / 828 .
(10) المستدرك على الصحيحين 3 / 124.