الفصل السادس:
إنه لا يبقى ريب لدى العاقل المنصف بعد الوقوف على ما ذكرنا، في بطلان القول بأن: «المتمتع بها ليست بزوجة، لانتفاء لوازم النكاح فيها فالمتعة حرام».
لأن المتعة (نكاح) قد ورد به الكتاب والسنّة، وعمل به الأصحاب في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وعهد أبي بكر وعهد عمر، حتى حرّمه عمر في أخريات أيّامه (لرأي رآه) في قصة (عمرو بن حريث الصحابي) أو غيره… .
وأنت تجد التعبير عن ذلك بالنكاح والتزوّج، وعن المستمتع بها بأنها (زوجة) في الأحاديث.. إلا أنه موقت، ويختلف عن الدائم في بعض الأحكام على اختلاف في بعضها، كالتوارث ـ مثلاً ـ حيث ذهب بعض الإمامية إلى ثبوته، كما لا يخفى على من راجع كتبهم في الفقه، مع مجامعته له في أكثرها، ومن الواضح أن الأحكام قد تختلف بحسب الأدلّة، وليست هي بلوازم حتى لا تقبل التخلّف..
قال الزمخشري: «فإن قلت: هل فيه دليل على تحريم المتعة؟ قلت: لا، لأن المنكوحة بنكاح المتعة من جملة الأزواج إذ صح النكاح»(1).
وقال ابن عبد البر: «أجمعوا على أن المتعة نكاح لا إشهاد فيه، وأنه نكاح إلى أجل يقع فيه الفرقة بلا طلاق، ولا ميراث بينهما»(2).
وهناك كلمات تقدّمت.
وهذا ما لا ريب فيه لأحد، ولذا لم نجد الإستدلال بانتفاء بعض الأحكام، في كلمات عمر ولا غيره ممن تابعه في النهي والتحريم.. وإنما حاول أتباعه فيما بعد أن يدافعوا عن عمر، فقال أكثرهم: بأن التحريم كان من النبي صلّى اللّه عليه وآله لا من عمر.. وقد عرفت بطلان هذه الدعوى وأنه ليس لها جدوى..
(1) الكشاف في تفسير القرآن 3 / 26 ـ 27.
(2) تفسير القرطبي 5 / 132.