الفصل الرابع:
إنه قد ثبت نهي عمر عن نكاح المتعة، فقد ثبت عنه أنه قال: «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة الحج ومتعة النساء».
وعن عطاء عن جابر بن عبد اللّه: «استمتعنا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وأبي بكر وعمر، حتى إذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة ـ سماها جابر فنسيتها ـ فحملت المرأة، فبلغ ذلك عمر فدعاها فسألها فقالت: نعم. قال: من أشهد؟ قال عطاء: لا أدري قالت: أمي أم وليّها. قال: فهلاّ غيرها. فذلك حين نهى عنها»(1).
ومثله أخبار أخرى، وقد جاء فيها التهديد بالرجم(2).
فظهر أوّلاً: أن عمر بن الخطاب هو أوّل من نهى عن المتعة وذلك في آخر أيامه، فلا النبي صلّى اللّه عليه وآله نهى عنها، ولا أبو بكر، ولا عمر… حتى أواخر أيامه. وفي خبر: أن رجلاً قدم من الشام، ومكث مع امرأة ما شاء اللّه أن يمكث، ثم إنه خرج، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب، فأرسل إليه فقال: «ما حملك على الذي فعلته؟ قال: فعلته مع رسول اللّه ثم لم ينهانا عنه حتى قبضه اللّه، ثم مع أبي بكر فلم ينهانا حتى قبضه اللّه، ثم معك فلم تحدث لنا فيه نهياً. فقال عمر: أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدّمت في نهي لرجمتك»(3).
وثانياً: إنه في جميع الأخبار ينسبون النهي إلى عمر، فيقولون: «نهى عنها عمر» و«قال رجل برأيه ما شاء»، ولا يوجد في شيء من الأخبار نسبة النهي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ولا أبي بكر. ولو كان ثمة نهي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، لما كان لنسبة النهي وما ترتب عليه من الآثار الفاسدة إلى عمر وجه أصلاً.
(1) المصنف 7 / 497، صحيح مسلم 4 / 131، مسند أحمد 3 / 304، سنن البيهقي 7 / 237، فتح الباري.
(2) المصنف 7 / 503 الموطأ، سنن البيهقي 5 / 21 و 7 / 206، الدر المنثور 2 / 141، كنز العمال 16 / 519 و 520 و 522 .
(3) كنز العمال 16 / 522 .