الحديث الثاني: قال رجلٌ لسلمان: ما أشدّ حبّك لعلي!
وَرَد هذا الحديث في غير واحد من كتب المعتقدين بخلافة أبي بكر، لكنهم لم يرووا مثله فيه، فلم ينقلوا أن سلمان كان يحبّ أبا بكر حتى يسأله رجل عن شدّة حبّه له، فيروي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله شيئاً من هذا الباب في حق أبي بكر بن أبي قحافة!
ولقد كذّب به ابن تيميّة!(1) وما أدري هل كذَّب سؤال الرجل من سلمان؟ أو سماع سلمان من رسول اللّه هذا الكلام؟ أو أصل أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قد قاله؟
أمّا أن رجلاً سأل سلمان وأجاب رضي اللّه عنه بذلك، فقد أخرجه الحاكم بإسناده عن عوف بن أبي عثمان النهدي قال: «قال رجل لسلمان: ما أشدّ حبّك لعلي! قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يقول: من أحبّ عليّاً فقد أحبّني ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني».
وقد صحّحه الحاكم على شرط البخاري ومسلم.
ووافقه الذهبي(2).
فاحكم على ابن تيمية وأتباعه بما يقتضيه الدين والإنصاف.
وأمّا أن رسول اللّه قال هذا الكلام، فقد أخرجه عدّة من الأئمة الأعلام من أهل السنّة، عن غير واحد من صحابته عليه وآله الصّلاة والسلام، ونكتفي بكلام الحافظ ابن عبد البر، لئلاّ يطول بنا المقام. فإنه قال بترجمة الإمام علي عليه السلام:
«قال صلّى اللّه عليه وآله: من أحبّ علياً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن آذى علياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللّه»(3).
فليعرف ابن تيمية من كان في شك من أمره إلى هذه الساعة!!
(1) منهاج السنّة 5 / 37.
(2) المستدرك على الصحيحين 3 / 130.
(3) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1101.