الحديث الأول: حبّ علي حسنة لا تضرّ معها سيئة
هذا الحديث بهذا اللّفظ عن معاذ بن جبل، وقد رواه من طريق الديلمي غير واحد من الأعلام كالمناوي في كنوز الحقائق من حديث غير الخلائق.
ورواه الموفق الخوارزمي من طريق الطبراني عن أنس بن مالك(1).
وهو مرويّ عندهم عن غيرهما أيضاً.
والأحاديث في الباب بالألفاظ المختلفة كثيرة جدّاً:
منها: ما جاء بلفظ أن حبّه يأكل السيئات كما تأكل النار الحطب.
رواه الخطيب(2) ومن طريقه ابن عساكر(3)، غير أنه قال: رجال إسناده الذين بعد محمد بن سلمة كلّهم معروفون ثقات. والحديث باطل مركّب على هذا الإسناد» وهذا زور بيّن!!
ومنها: ما ورد بتفسير قوله تعالى: (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ * وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النّارِ)(4).
فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «الحسنة حبّنا والسيئة بغضنا».
رواه شيخ الإسلام الحمويني بإسناد له عن الحافظ أبي علي الحدّاد، عن الحافظ أبي نعيم، بإسناده عن أبي عبد اللّه الجدلي عنه عليه السلام.
وبإسناد آخر من طريق الحسين بن الحكم الحبري بإسناده عنه(5).
ومنها: ما ورد بتفسير قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فيها حُسْنًا إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)(6) حيث فسّروا «حسنةً» بحبّ علي وأهل البيت عليهم السلام، فراجع التفاسير(7).
وأي سيئة تبقى في مقابل حسنة زاد اللّه في حسنها؟!
لكن ابن تيمية يقول: «هذا الحديث مما يشهد المسلم بأن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لا يقوله، فإن حبّ اللّه ورسوله أعظم من حبّ علي، والسيّئات تضرّ مع ذلك…»(8).
أوّلاً: أي فرق بين حبّ اللّه والرسول وحبّ علي؟ أترى أن من زعم أنه محبّ للّه والرسول وهو مبغض لعلي يقبل منه دعواه وعمله؟
أليس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول: «كذب من زعم أنه يحبّني ويبغض هذا»؟
أليس رسول اللّه يقول: «من زعم أنه آمن بي وما جئت به وهو يبغض عليّاً، فهو كاذب ليس بمؤمن»؟(9)
وثانياً: إن المراد أن السيئة لا تبقى ولا تؤثّر مع هذه الحسنة، وهل لا يفهم ابن تيميّة هذا المعنى؟!
(1) مناقب الخوارزمي: 76.
(2) تاريخ بغداد 4 / 417.
(3) تاريخ دمشق 42 / 244.
(4) سورة النمل: 89 ـ 90.
(5) فرائد السمطين 2 / 299، الرقم 555.
(6) سورة الشورى: 23.
(7) الدر المنثور 6 / 7.
(8) منهاج السنّة 5 / 73.
(9) انظر: تاريخ دمشق 42 / 268 و 280.