الحديثان الثاني و الثالث
لم يقل فيهما ابن تيمية إلا «وكذلك حديث عمار وابن عباس، كلاهما من الموضوعات»(1).
لكن الحافظ أبو عبد اللّه الكنجي ـ المتقدّم على ابن تيمية ـ قال بعد حديث عمار من طريق ابن بطّة العكبري المتوفى سنة 387: «حديث عال حسن مشهور، اُسند عند أهل النقل»(2).
ولقد صدق أبو عبد اللّه الحافظ الكنجي… فانظر إلى نبذة من طرق هذا الحديث عند أهل النقل:
قال الحافظ ابن عساكر: «أنبأنا أبو علي الحداد، أنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن أحمد بن ريذة، نا سليمان بن أحمد الطبراني، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أحمد بن طارق الوابشي، نا عمرو بن ثابت، عن محمد بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه أبي عبيدة، عن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: من آمن بي وصدّقني فليتولّ علي بن أبي طالب، فإن ولايته ولايتي، وولايتي ولاية اللّه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو القاسم بن مسعدة، أنا حمزة بن يوسف، أنا أبو أحمد بن عدي، أنا محمد بن عبيد اللّه بن فضيل، نا عبد الوهاب بن الضحاك، نا ابن عياش، عن محمد بن عبيد اللّه بن أبي رافع، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي فمن تولاه تولاني، ومن تولاني تولّى اللّه.
قال: وأنا أبو أحمد، أنا جعفر بن أحمد بن علي بن بيان، نا يحيى بن عبد اللّه بن بكير، حدثني ابن لهيعة، حدثني محمد بن عبيد اللّه، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: من تولّى علي بن أبي طالب، فذكر نحوه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا أبو محمد وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان وأبو القاسم بن البسري، وأبو طاهر الخوارزمي، وعلي بن محمد الأنباري، قالوا: أنا أبو عمر بن مهدي، وأنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، نا جدي، نا عبد العزيز بن الخطاب ـ ثقة صدوق كوفي، سكن البصرة(3) ـ نا علي بن هاشم، عن ابن أبي رافع، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن عمار بن ياسر قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أوصي من آمن بي وصدّقني بولاية علي بن أبي طالب، من تولاّه فقد تولاّني، ومن تولاّني فقد تولّى اللّه، ومن أحبّه فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ اللّه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا عاصم بن الحسن، أنا أبو عمر بن مهدي، أنا أبو العباس بن عقدة، نا الحسن بن عتبة الكندي، نا بكار بن بسر، نا علي بن القاسم أبو الحسن الكندي، عن محمد بن عبيد اللّه، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن عمار بن ياسر قال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: أوصي من آمن بي وصدّقني بالولاية لعلي، فإنه من تولاّه تولاّني، ومن تولاّني تولّى اللّه، ومن أحبّه أحبّني، ومن أحبّني أحبّ اللّه، ومن أبغضه أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه»(4).
وقد أقرّ الهيثمي أن الطبراني رواه بإسنادين ثم قال:
«أحسبُ فيهما جماعة ضعفاء وقد وثّقوا»(5).
فانظر كيف يحاربون النبي والوصي؟!
وأمّا حديث ابن عباس الذي رواه الحافظ أبو عبد اللّه بإسناده(6):
فقد رواه جماعة من الأعلام، كالمحبّ الطبري(7)، وابن المغازلي(8) وأخطب خوارزم والمتقي الهندي(9) وغيرهم.
لكنّ هذا الحديث ـ برواية غير ابن عباس من الصّحابة ـ من أصحّ الأحاديث وأثبتها، ومن ذلك:
ما أخرجه الحاكم ـ وصحّحه وأقرّه الذهبي ـ بإسناده عن أبي عبد اللّه الجدلي قال: «دخلت على أم سلمة ـ رضي اللّه عنها ـ فقالت لي: أيُسبُّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فيكم؟ فقلت: معاذ اللّه ـ أو: سبحان اللّه ـ أو كلمة نحوها ـ فقالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول: من سبّ عليّاً فقد سبّني.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقد رواه بكير بن عثمان البجلي عن أبي إسحاق بزيادة ألفاظ»(10).
قال قدس سره: والأخبار الواردة من قبل المخالفين أكثر من أن تحصى. لكن اقتصرنا في هذا المختصر على هذا القدر.
(1) منهاج السنّة 5 / 80 .
(2) كفاية الطالب: 74 أول الباب الخامس.
(3) وفي تقريب التهذيب 1 / 508: صدوق.
(4) تاريخ دمشق 42 / 239 ـ 240.
(5) مجمع الزوائد 9 / 108 ـ 109.
(6) كفاية الطالب: 82 ـ 84 .
(7) الرياض النضرة 2 / 166.
(8) مناقب الإمام علي: 312.
(9) منتخب كنز العمال. هامش المسند 5 / 30.
(10) المستدرك على الصحيحين 3 / 121.