وثانياً: قوله: «قال قولاً خالفه فيه من الصحابة والتابعين» فيه:
1 ـ أنه لم يقل قولاً، بل حكم حكماً وتوعّد من خالفه بالعقاب.
2 ـ أنه هو المخالف، لا أن غيره خالفوه.
3 ـ وأنه المخالف للّه وللرسول، لا لغيره من الصحابة والتابعين… .
فلينظر العاقل المنصف: أليس في هذا التعبير استهانة باللّه والرسول، ومخالفة لنصّ الكتاب وعمل النبي الكريم صلّى اللّه عليه وآله؟!
وثالثاً: ما رواه عن عمران بن حصين الصحابي ـ الذي نصّ ابن القيّم على أنه أعظم من عثمان(1) ونصّ الحافظان ابن عبد البرّ وابن حجر على أنه كان من فضلاء الصحابة وفقهائهم، وذكرا أنه كان يرى الحفظة وتكلّمه وتسلّم عليه(2) ـ من الإنكار على عمر منع التمتع، يعدّ من الأخبار القطعيّة الثابتة، ولقد كان يؤكد إنكاره ولم يزل يكرّره حتى في مرض موته زمن معاوية، حيث كانت السنَّة العمرية هي الجارية بين المسلمين.
فقد أخرج مسلم: «عن مطرف قال: بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال: إني محدّثك بأحاديث لعلّ اللّه أن ينفعك بها بعدي، فإن عشت فاكتم عليّ، وإن متّ فحدّث بها إن شئت، إنه قد سلّم عليّ، واعلم أن نبي اللّه صلّى اللّه عليه وآله قد جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب اللّه ولم ينه عنها نبي اللّه صلّى اللّه عليه وآله، فقال رجل برأيه فيها ما شاء»(3).
قال الحافظ النووي بشرح أخبار إنكاره: «وهذه الروايات كلّها متفقة على أن مراد عمران أن التمتع بالعمرة إلى الحج جائز، وكذلك القران، وفيه التصريح بالإنكار على عمر بن الخطاب منع التمتع»(4).
وهذا التصريح بالإنكار مرويّ في الصحاح عن غير واحد من أعيان الصحابة:
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد 1 / 208.
(2) الإستيعاب 3 / 1208، وأسد الغابة 4 / 137.
(3) صحيح مسلم 4 / 48، صحيح البخاري 2 / 153، مسند أحمد 4 / 429.
(4) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 8 / 206.