مكانة الإمامة في الدّين
وصف المؤلّف قدس سره الإمامة بـ«أهمّ المطالب في أحكام الدّين، وأشرف مسائل المسلمين… وهي أحد أركان الإيمان»، ثم استشهد على ذلك بالحديث النبويّ الآتي. وهذا السياق ظاهر بل صريح في أن المراد هو الأهمّ في حدود الدّين وبالإضافة إلى غيرها من (مسائل المسلمين). وهل يتحقق (الدين) ويصدق عنوان (المسلمين) إلا (بالإيمان باللّه ورسوله)؟ فالمراد: كون (الإمامة) أهمّ المطالب بعد الإيمان باللّه ورسوله صلّى اللّه عليه وآله، والإمامة كما عرفها الشيعة والسنة ـ كما في شرح المواقف وغيرها ـ : «رئاسة في الدّين والدنيا لشخص نيابة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله»(1).
ولم يكن هذا بذاك الغموض حتى لا يفهمه ابن تيمية، فيورد عليه بما لا طائل تحته، ويستدلّ ـ على أن الإيمان باللّه ورسوله أهمّ(2) ـ بما لا حاجة إليه.
قال قدس سره: التي يحصل بسبب إدراكها نيلُ درجة الكرامة.
الشرح:
قال اللّه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)(3) فبالتقوى والكون مع الصادقين تُنال درجة الكرامة، وكلّما يكون الإنسان أقرب إلى الصادقين بالجنان والجوارح يكون أكثر عبودية للّه وامتثالاً له في أوامره ونواهيه، فيكون أتقى، ومن كان أتقى كان أكرم، كما في الآية المباركة (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ)(4).
وبالجملة، إذا أدرك الإمامة وعرف الإمام ائتمّ به، فكان هذا الإدراك سبباً لنيل درجة الكرامة، وكلّما كان الانقياد أكثر كانت درجة الكرامة أعلى وأرفع.
فهذا شرح هذا الكلام والدليل عليه، وهكذا يسقط قول ابن تيمية من «أنّ مجرد معرفة إمام وقته وإدراكه لا يستحق به الكرامة…».
(1) شرح المواقف 8 / 345، شرح المقاصد 2 / 272.
(2) منهاج السنة 1 / 75.
(3) سورة التوبة: 119.
(4) سورة الحجرات: 13.