الشرح:
قال ابن تيمية: «وأمّا ما ذكره من تولية المأمون له الخلافة فهذا صحيح، لكن ذلك لم يتم… ولم يجعله وليّ عهده»(1).
أقول:
جاء ذلك في كافة كتب التاريخ والسير، وقد تقدّم النقل عن بعضها.
وقال ابن الجوزي: «وفي هذه السنة جعل المأمون علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين وليّ عهد المسلمين والخليفة من بعده، وسمّاه الرضي من آل محمد، وأمر جنده أن يطرح السواد ولبس ثياب الخضرة، وكتب بذلك إلى الآفاق، وذلك يوم الاثنين لليلتين خلتا من رمضان هذه السنة. فكتب الحسن بن سهل إلى عيسى بن محمد يخبره أن أمير المؤمنين قد جعل علي بن موسى الرضي وليّ عهده، وذلك أنه نظر في بني العباس وبني علي، فلم يجد أحداً أفضل ولا أورع ولا أعلم منه، وأنه سماه الرضي من آل محمد، وأمر أن يأمر من قبله من الجند والقواد وبني هاشم بالبيعة له…» ثم ذكر نصّ العهد الذي كتبه المأمون بخطّه للإمام عليه السلام، وما كتبه الإمام، والشهادات على ذلك(2).
وقد جاء الخبر كذلك قبله في تاريخ الطبري(3) وعنه في الكامل في التاريخ(4).
وكذا هو في تاريخ ابن خلكان قال: «وجعله وليّ عهده، وضرب اسمه على الدينار والدرهم، وكان السبب في ذلك… أنه نظر في أولاد العباس وأولاد علي بن أبي طالب، فلم يجد في وقته أحداً أفضل ولا أحق بالأمر من علي الرضا، فبايعه…»(5).
واختصر السيوطي الخبر فقال: «وجعل وليّ العهد من بعده علي الرضا ابن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق، حمله على ذلك إفراطه في التشيع، حتى قيل: إنه همّ أن يخلع نفسه ويفوّض الأمر إليه، وهو الذي لقّبه الرضا، وضرب الدراهم باسمه، وزوّجه ابنته، وكتب إلى الآفاق بذلك، وأمر بترك السواد ولبس الخضرة»(6).
أقول: فانظر كيف ينكر الرجل الحقائق التاريخية، واحكم عليه بما يوجبه الحق!!
(1) منهاج السنّة 4 / 64.
(2) المنتظم 10 / 93 ـ 99.
(3) تاريخ الطبري 8 / 554.
(4) الكامل لابن الأثير 6 / 326.
(5) وفيات الأعيان 3 / 269 ـ 270.
(6) تاريخ الخلفاء: 307.