إسلام معروف الكرخي على يده
الرابع: في إسلام معروف الكرخي على يد الإمام.
فقد كذَّب ابن تيمية(1) خبر إسلام معروف على يد الإمام الرضا عليه السلام، كما كذَّب من قبل توبة بشر الحافي على يد الإمام موسى بن جعفر الكاظم… وقد جاء الخبر في أكثر من كتاب ومصدر، من ذلك قول ابن خلكان: «وهو من موالي علي بن موسى الرضا وقد تقدّم ذكره، وكان أبواه نصرانيين، فأسلماه إلى مؤدّبهم وهو صبي، فكان المؤدب يقول له: قل ثالث ثلاثة، فيقول معروف: بل هو الواحد، فيضربه المعلّم على ذلك ضرباً مبرحاً، فهرب منه، وكان أبواه يقولان: ليته يرجع إلينا على أي دين شاء فنوافقه عليه. ثم إنه أسلم على يد علي بن موسى الرضا ورجع إلى أبويه، فدقّ الباب فقيل له: من بالباب؟ فقال: معروف. فقيل له: على أيّ دين؟ فقال: على الإسلام. فأسلم أبواه»(2).
أقول: لقد ذكروا بتراجمه كرامات عجيبة له، فحاولوا التكتم على كونه من موالي الإمام وعلى إسلامه على يده عليه السلام، لئلاّ يكون ذلك فضيلة له!!… .
فمنهم من لم يذكر كونه من مواليه ولا حكى إسلامه على يده، ولا روى عنه شيئاً مما سمعه من الإمام، كالحافظ أبي نعيم(3) والحافظ ابن الجوزي(4).
ومنهم من اعترف بكونه من مواليه ولم يذكر عن إسلامه شيئاً، كالشعراني(5).
ومنهم من حكى قصته مع المؤدب ثم رجوعه إلى أبويه بعد هربه وأنهما أسلما، ولم يزد على ذلك شيئاً، كالذهبي(6)… .
ومنهم من حكى أنه كان حاجباً للإمام فكسروا ضلعه فمات(7). وهذا ما كذَّبه الذهبي فقال: «فلعلّ الرضا كان له حاجب اسمه معروف، فوافق اسمه اسم زاهد العراق»(8).
أقول: لكن مقامات أئمة أهل البيت عليهم السّلام لا تزيد ولا تنقص بإثبات شيء من هذا القبيل أو إنكاره، بل الغرض المهم بيان مدى مخالفة هؤلاء لأهل بيت النبي صلّى اللّه عليه وآله، وسعيهم وراء التقليل من شأنهم والحطّ من مقامهم!!.
قال قدس سره: وتولاّه المأمون لعلمه بما هو عليه من الكمال والفضل.
الشرح:
هذا من الأمور الثابتة والقضايا الضروريّة، ولو أمكن ابن تيمية إنكاره لفعل، لكنه سكت عنه ولم يتكلّم عليه بشيء. وقد جاء بعض ذلك في غير واحد ممّا تقدم من العبارات… وسنورد المزيد منها قريباً.
قضية زيد النار
قال قدس سره: ووعظ يوماً أخاه زيداً فقال له: يا زيد، ما أنت قائل لرسول اللّه إذا سفكت الدماء وأخفت السبيل وأخذت المال من غير حلّه، غرّك حُمقَاء أهل الكوفة! وقد قال رسول اللّه: إن فاطمة أحصنت فرجها فحرَّم اللّه ذريّتها على النار… .
الشرح:
زيد النار، كان يرى وجوب الخروج على السّلطة الحاكمة، فكان ممن خرج مع أبي السرايا ضدّ المأمون، وإنما قيل له (زيد النار) لإحراقه الدور وغيرها. ولمّا ظفر به المأمون عفا عنه وأرسله إلى الإمام الرضا عليه السلام، لكن الإمام حلف أن لا يكلّمه أبداً. راجع أخباره(9).
(1) منهاج السنّة 4 / 61 ـ 62.
(2) وفيات الأعيان 5 / 231.
(3) حلية الأولياء 8 / 360.
(4) المنتظم 10 / 88.
(5) لواقح الأنوار 1 / 72.
(6) سير أعلام النبلاء 9 / 339.
(7) طبقات الصوفية: 83.
(8) سير أعلام النبلاء 9 / 343.
(9) انظر: مقاتل الطّالبيين: 436.