الشرح:
قال ابن تيمية: «وكذلك أبو جعفر محمد بن علي، من خيار أهل العلم والدّين، وقيل: إنما سمي الباقر لأنه بقر العلم، لا لأجل بقر السجود جبهته، وأمّا كونه أعلم أهل زمانه فهذا يحتاج إلى دليل، والزهري من أقرانه وهو عند الناس أعلم منه»(1).
أقول:
لم يعترض على العلاّمة وصفه الإمام الباقر عليه السلام بـ«أعظم الناس زهداً وعبادة» ولم يقره بصراحة حقداً وعناداً!
أمّا أنه سمّي الباقر لأنه بقر العلم، فهذا ما يقوله العلاّمة، وسينقل الخبر فيه وإنها تسمية من النبي صلّى اللّه عليه وآله، وإنما قال: «أعظم الناس زهداً وعبادة، بقر السّجود جبهته» لبيان كثرة عبادته، لكن في (الطبقات): «حدثني هارون بن عبد اللّه بن الوليد المصيصي قال: رأيت محمد بن علي على جبهته وأنفه أثر السّجود ليس بالكثير»(2)، والحافظ سبط ابن الجوزي الحنفي قال: «وإنما سمّي الباقر من كثرة سجوده، بقر السجود جبهته، أي فتحها ووسعها، وقيل لغزارة علمه، قال الجوهري في الصحاح: التبقُّر التوسّع في العلم، قال: وكان يقال محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر، لتبقُّره في العلم»(3).
وأمّا قوله: «كونه أعلم أهل زمانه يحتاج إلى دليل، والزهري من أقرانه وهو عند الناس أعلم منه» فيقال:
أوّلاً: لو أمكنه إنكار ذلك لباح بذلك، فإمساكه عن الإنكار ـ مع ما هو عليه من العناد لآل البيت الأطهار ـ دليل.
وثانياً: اشتهاره بالباقر ـ لأنه بقر العلم ووسّعه، وهذا الوجه في التسمية هو الذي ذكره ـ دليل آخر.
وثالثاً: لو كان في عصره أعلم منه لاشتهر وعرف، وكيف وأئمة القوم ـ الذين ما زالوا يقلّدونهم ـ هم تلامذته كما ستعرف.
(1) منهاج السنّة 4 / 50 ـ 51 .
(2) طبقات ابن سعد 5 / 323.
(3) تذكرة خواص الأمة: 366.