ومن الإفك ما ذكره ابن تيمية من أنه أخذ عن عائشة ومروان بن الحكم، فإن كلّ عاقل يعلم بأن لا نسبة بينه وبينهما في العلم والفضيلة، ومع ما كان منهما بالنسبة إلى جدّه أمير المؤمنين وعمّه الحسن السبط الأكبر عليهم السّلام، وما ورد في مروان بن الحكم اللّعين ابن اللّعين!!
كما أن ما ذكره من أنه كان يتخطّى مجالس أكابر الناس… كذب واضح، ولو كان هناك مجالسة بينهما، فإن الأمر بالعكس، فقد عدّ زيد بن أسلم في كتبنا في أصحاب السجّاد عليه السلام، كما أن الرجل نفسه عدّه فيمن أخذ عنه عليه السلام، واللّفظ الذي رواه الحافظ أبو نعيم: «كان علي بن الحسين يتخطّى حلق قومه حتى زيد بن أسلم فيجلس عنده، فقال: إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه»(1). فهو الذي كان ينفع زيداً ـ بناء على صحة هذا الخبر ـ لأنه كان يقول: «من كتم علماً أحداً أو أخذ عليه أجراً رفداً فلا ينفعه أبداً»(2).
أقول:
وكم كذبوا على هذا الإمام، كما كذبوا على آبائه وأبنائه عليهم السّلام؟!
فلقد جاء في أصحّ كتبهم أعني البخاري: «وقال علي بن الحسين: يعني مثنى أو ثلاث أو رباع»، قال شرّاحه: «وهذا من أحسن الأدلّة في الردّ على الرافضة، لكونه من تفسير زين العابدين، وهو من أئمتهم الذين يرجعون إلى قولهم ويعتقدون عصمتهم»(3).
وحاصله نسبة القول بجواز التزوّج بما يزيد على الأربع إلى الإمام زين العابدين عليه السلام، وهي نسبة كاذبة لا أساس لها من الصحة أبداً، بل الأمر بالعكس، فإن القول بجواز التزوّج بما يزيد على الأربع منهنّ، منسوب إلى غير واحد من كبار فقهاءهم، مستدلّين بالآية المباركة، كما لا يخفى على من راجع كتبهم في الفقه والحديث(4).
بل فيهم من قال بجواز التزوّج بأيّ عدد شاء من النساء، وذكره النيسابوري بتفسير الآية من تفسيره(5).
(1) حلية الأولياء 3 / 138.
(2) حلية الأولياء 3 / 140.
(3) فتح الباري 9 / 114، إرشاد الساري 8 / 26، عمدة القاري 20 / 91.
(4) تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي 1 / 143، ونيل الأوطار للشوكاني 6 / 169.
(5) غرائب القرآن ورغائب الفرقان 4 / 172.