هذا، وقد جاء في النصوص الصحيحة المتكاثرة: أن عيسى بن مريم ينزل ويصلّي خلف المهدي، ومن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم بسندهما عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أنه قال: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم»(1).
وما أخرجه أحمد بسنده عنه أنه قال في حديث فيه ذكر الدجال: «فإذا هم بعيسى بن مريم، فتقام الصّلاة، فيقال له: تقدّم يا روح اللّه. فيقول: ليتقدّم إمامكم فليصلّ بكم»(2).
قال المناوي: «فإنه ينزل عند صلاة الصبح على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيجد الإمام المهدي يريد الصّلاة فيحسّ به فيتأخر ليتقدّم، فيقدّمه عيسى عليه السلام ويصلّي خلفه. فأعظم به فضلاً وشرفاً لهذه الأمة»(3).
قال أبو الحسن الآبري: «قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم ـ يعني في المهدي ـ وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلاً، وأنه يخرج عيسى بن مريم فيساعده على قتل الدجّال بباب لد بأرض فلسطين. وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى ـ صلوات اللّه عليه ـ يصلّي خلفه، في طول من قصته وأمره»(4).
وقال السيوطي ردّاً على من أنكر هذا: «هذا من أعجب العجب، فإن صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدّة أخبار صحيحة، بإخبار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وهو الصّادق المصدّق الذي لا يخلف خبره»(5).
أقول: فظهر سقوط قول السعد التفتازاني: «فما يقال: إن عيسى يقتدي بالمهدي أو بالعكس، شيء لا مستند له، فلا ينبغي أن يعوّل عليه»(6).
(1) صحيح البخاري 4 / 143، صحيح مسلم 1 / 94.
(2) مسند أحمد 3 / 368.
(3) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 6 / 23.
(4) تهذيب الكمال 25 / 149.
(5) الحاوي للفتاوى 2 / 167.
(6) شرح المقاصد 2 / 308.