الشرح:
حياته سلام اللّه عليه مليئة بالوقائع من هذا القبيل، فقد كان صادقاً، «مستجاب الدعوة ، إذا سأل اللّه شيئاً لا يتم قوله إلاّ وهو بين يديه»(1)، ولا يخبر بشيء إلا ويقع، ومن ذلك ما ذكره العلاّمة من أمر العلويين.
روى أبو الفرج الأصفهاني بسنده عن عمر بن شبة بأسانيده: إن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالأبواء وفيهم: إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس، وأبو جعفر المنصور، وصالح بن علي، وعبد اللّه بن الحسن بن الحسن، وابناه محمد وإبراهيم، ومحمد بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان… فبايعوا جميعاً محمداً ]بن عبد اللّه بن الحسن[ وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد، قال عبد اللّه بن الحسن: لا نريد جعفراً لئلاّ يفسد عليكم أمركم… .
وجاء جعفر فأوسع له عبد اللّه بن الحسن إلى جنبه فقال: لا تفعلوا; فإن هذا الأمر لم يأت بعد.
فغضب عبد اللّه وقال: لقد علمت خلاف ما تقول، وواللّه ما أطلعك اللّه على غيبه، ولكن يحملك على هذا الحسد لابني.
فقال: واللّه ما ذاك يحملني، ولكن ذا وإخوته وأبناؤهم دونكم ـ وضرب بيده على ظهر أبي العباس، ثم ضرب بيده على كتف عبد اللّه بن الحسن ـ وقال: إنها ـ واللّه ـ ما هي إليك ولا إلى ابنيك ولكنها لهم، وإن ابنيك لمقتولان.
ثم نهض وتوكّأ على يد عبد العزيز بن عمران الزهري فقال: أرأيت صاحب الرّداء الأصفر، يعني أبا جعفر؟ قال: نعم. قال: فإنا ـ واللّه ـ نجده يقتله. قال له عبد العزيز: أيقتل محمداً؟ قال: نعم.
قال: فقلت في نفسي: حسده وربّ الكعبة. قال: ثم واللّه ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتلهما.
قال: فلمّا قال جعفر ذلك نقض القوم فافترقوا ولم يجتمعوا بعدها، وتبعه عبد الصمد وأبو جعفر فقالا: يا أبا عبد اللّه أتقول هذا؟ قال: نعم أقوله واللّه وأعلمه»(2).
(1) نور الأبصار: 295.
(2) مقاتل الطالبيين: 140 ـ 142 ملخصاً. وعنه الشيخ المفيد في الإرشاد 2 / 190، ومصادر أخرى.