الوجه السادس
إن الإمامية لمّا رأوا فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وكمالاته لا تحصى، قد رواها المخالف والمؤالف، ورأوا الجمهور قد نقلوا عن غيره من الصحابة مطاعن كثيرة ولم ينقلوا في علي عليه السلام طعناً البتة! اتبعوا قوله وجعلوه إماماً لهم حيث نزّهه المخالف والمؤالف، وتركوا غيره حيث روى فيه من يعتقد إمامته من المطاعن ما يطعن في إمامته. ونحن نذكر هنا شيئاً يسيراً مما هو صحيح عندهم ونقلوه في المعتمد من كتبهم، ليكون حجة عليهم يوم القيامة:
فمن ذلك: ما رواه أبو الحسن الأندلسي في الجمع بين الصحاح الستة: موطأ مالك، وصحيحي مسلم والبخاري، وسنن أبي داود، وصحيح الترمذي، وصحيح النسائي، عن أم سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه وآله أن قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)، أنزلت في بيتي وأنا جالسة عند الباب فقلت: يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟ فقال: إنك على خير إنك من أزواج رسول اللّه. قالت: وفي البيت رسول اللّه وعلي وفاطمة وحسن وحسين فجللّهم بكساء وقال: اللّهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
ونحوه رواه أحمد بن حنبل.
وقال في قوله تعالى: (إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً)، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ما عمل بهذه الآية غيري وبي خفف اللّه تعالى أمر هذه الآية.
وعن محمد بن كعب القرظي قال: افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار وعباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب عليه السلام فقال طلحة بن شيبة: معي مفتاح البيت ولو أشاء بتُّ فيه! وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، ولو أشاء بتُّ في المسجد. وقال علي عليه السلام: ما أدري ما تقولان! لقد صلّيت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد. فأنزل اللّه تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ وَاللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
ومنها: ما رواه أحمد بن حنبل عن أنس بن مالك قال: قلنا لسلمان: سل النبي من وصيهُ! فقال له سلمان: يا رسول اللّه من وصيك؟ فقال: يا سلمان، من كان وصي موسى؟ فقال: يوشع بن نون. قال: وصيي ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي، علي بن أبي طالب.
وعن أبي مريم عن علي عليه السلام قال: انطلقت أنا والنبي صلّى اللّه عليه وآله حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: إجلس! فصعد على منكبي، فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفاً فنزل وجلس لي نبي اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقال: إصعد على منكبي فصعدت على منكبيه قال: فنهض بي قال: فإنه تخيل لي أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت، وعليه تمثال صفر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه، حتى إذا استحكمت منه، قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: إقذف به فقذفت به فتكسّر كما تتكسر القوارير، ثم نزلت وانطلقت أنا ورسول اللّه نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس.
وعن معقل بن يسار أن النبي صلّى اللّه عليه وآله قال لفاطمة: ألا ترضين أني زوّجتك أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً؟
وعن ابن أبي ليلى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: الصدّيقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي قال: (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللّهُ)، وعلي بن أبي طالب، وهو أفضلهم.
وعن عمرو بن ميمون قال: لعلي عشر خصال ليست لغيره:
قال له النبي صلّى اللّه عليه وآله: لأبعثن رجلاً لا يخزيه اللّه أبداً، يحب اللّه ورسوله فاستشرف لها من استشرف قال: أين علي؟ قالوا: هو في الرحى يطحن، قال: وما كان أحدكم يطحن! قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر قال: فنفث في عينيه، ثم هز الراية ثلاثاً، فأعطاها إياه. قال: ثم بعث أبا بكر بسورة التوبة فبعث علياً عليه السلام خلفه فأخذها منه وقال: لا يذهب بها إلاّ رجل هو مني وأنا منه.
وقال صلّى اللّه عليه وآله لبني عمّه: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ قال وعلي معهم جالسٌ، فأبوا فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة! قال: فتركه ثم أقبل على رجل منهم فقال: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا! فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة، فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة.
قال: وكان علي أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة.
قال: وأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ثوبه فوضعه على علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام فقال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
قال: وشرى علىٌّ نفسه ولبس ثوب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ثم نام مكانه وكان المشركون يرمونه بالحجارة.
وخرج النبي صلّى اللّه عليه وآله في غزوة تبوك فقال له علي عليه السلام: أأخرج معك؟ فقال: لا، فبكي علي فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي، لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي.
قال: وقال له رسول اللّه: أنت وليي في كلّ مؤمن بعدي.
قال: وسدّ أبواب المسجد غير باب علي، قال: فيدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره.
وقال له: من كنت مولاه، فإن مولاه علي.
وعن النبي صلّى اللّه عليه وآله مرفوعاً: أنه بعث أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة، فسار بها ثلاثاً ثم قال لعلي عليه السلام إلحقه فردّه وبلّغها أنت ففعل، فلما قدم أبو بكر على النبي صلّى اللّه عليه وآله بكى وقال: يا رسول اللّه حدث فىَّ شيء؟ قال: لا، ولكن أمرت ألا يبلّغه إلا أنا أو رجل مني.
ومنها: مارواه أخطب خوارزم عن النبي صلّى اللّه عليه وآله أنه قال: يا علي لو أن عبداً عبد اللّه عز وجل مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أُحُد ذهباً فأنفقه في سبيل اللّه، ومَدَّ في عمره حتى حج ألف عام على قدميه، ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثم لم يوالك يا علي، لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها!
وقال رجل لسلمان: ما أشدّ حبّك لعليّ! قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول: من أحبّ عليّاً فقد أحبّني ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني.
وعن أنس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: خلق اللّه من نور وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبّيه إلى يوم القيامة.
وعن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «من أحبّ علياً قبل اللّه منه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعاءه، ألا ومن أحبّ علياً أعطاه اللّه بكلّ عرق في بدنه مدينة في الجنة. ألا ومن أحبّ آل محمد أمن من الحساب والميزان والصراط. ألا ومن مات على حبّ آل محمد فأنا كفيله بالجنة مع الأنبياء. ألا ومن أبغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: آيسٌ من رحمة اللّه».
وعن عبد اللّه بن مسعود قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول: «من زعم أنه آمن بي وبما جئت به وهو يبغض علياً، فهو كاذب ليس بمؤمن».
وعن أبي برزة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ونحن جلوس ذات يوم: والذي نفسي بيده لا يزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأله تبارك وتعالى عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن جسده فيم أبلاه، وعن ماله ممّ كسبه وفيم أنفقه، وعن حبنا أهل البيت». فقال له عمر: فما آية حبّكم من بعدكم؟ فوضع يده على رأس علي عليه السلام وهو إلى جانبه فقال: «إن حبي من بعدي حبّ هذا».
وعن عبد اللّه بن عمر سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقد سئل: «بأيّ لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج؟ فقال: خاطبني بلغة علي بن أبي طالب فألهمني أن قلت: يا ربّ أنت خاطبتني أم علي؟ فقال: يا أحمد، أنا شيء ليس كالأشياء لا أقاس بالناس ولا أوصف بالأشياء، خلقتك من نوري وخلقت عليّاً من نورك، فاطّلعت على سرائر قلبك فلم أجد إلى قلبك أحبّ من علي بن أبي طالب عليه السلام، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك».
وعن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «لو أن الرياض أقلام والبحر مداد والجن حساب والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب».
وبالإسناد قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «إن اللّه تعالى جعل لأخي علي فضائل لا تحصى كثرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّاً بها غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع فضيلة من فضائله غفر اللّه له الذنوب التي اكتسبها، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر اللّه له الذنوب التي اكتسبها. ثم قال: النظر إلى وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عبادة وذكره عبادة لا يقبل اللّه إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه».
وعن حكيم عن أبيه عن جدّه عن النبي صلّى اللّه عليه وآله أنه قال: «لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبدود يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة».
وعن سعد بن أبي وقاص قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً بالسبّ فأبى، فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال: «ثلاث قالهن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فلن أسبه لأنْ يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حُمْر النعم، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول لعلي وقد خلّفه في بعض مغازيه فقال له علي: يا رسول اللّه تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحبّ اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله، فتطاولنا فقال: أدعوا لي عليّاً فأتاه وبه رمد فبصق في عينيه فدفع الراية إليه ففتح اللّه عليه. وأنزلت هذه الآية: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ) دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي».
وعن عامر بن واثلة قال:كنت مع علي عليه السلام في البيت يوم الشورى، فسمعت عليّاً عليه السلام يقول لهم: لأحتجنَّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم تغيير ذلك! ثم قال: أنشدكم باللّه أيها النفر جميعاً: أفيكم أحدٌ وحَّد اللّه تعالى قبلي؟ قالوا: اللهم لا. قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر الطيار في الجنة مع الملائكة، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد له عم مثل عمي حمزة أسد اللّه وأسد رسوله سيد الشهداء، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحدٌ له سبطان مثل سبطىَّ الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد ناجى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عشر مرات وقدم بين يدي نجواه صدقة، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ليبلغ الشاهد الغايب، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليَّ وأشدّهم لك حبّاً ولي حبّاً، يأكل معي هذا الطائر، فأتاه فأكل معه، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: لأعطين الرّاية رجلاً يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله لا يرجع حتى يفتح اللّه على يديه إذ رجع غيري منهزماً، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لبني وليعة: لتنتهنّ أو لأبعثنّ إليكم رجلاً نفسه كنفسي طاعة طاعتي ومعصية معصيتي يفصلكم بالسيف، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: كذب من زعم أنه يحبّني ويبغض هذا، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد سلّم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف من الملائكة، منهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، حيث جئت بالماء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من القليب، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد نودي به من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له جبرئيل: هذه هي المواساة فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: إنه مني وأنا منه. فقال جبرئيل عليه السلام وأنا منكما، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي صلّى اللّه عليه وآله غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: إني قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد ردّت عليه الشمس حتى صلّى العصر في وقتها، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد أمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أن يأخذ براءة من أبي بكر، فقال له أبو بكر: يا رسول اللّه أنزل فيَّ شيءٌ؟ فقال له: إنه لا يؤدّي عني إلا علي، غيري ؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه أتعلمون أنه أمر بسدّ أبوابكم وفتح بابي، فقلتم في ذلك، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: ما أنا سددت أبوابكم ولا أنا فتحت بابه بل اللّه سدَّ أبوابكم وفتح بابه، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه، أتعلمون أنه ناجاني في يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك، فقلتم: ناجاه دوننا! فقال: ما أنا انتجيته بل اللّه انتجاه، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه، أتعلمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: الحق مع علي وعلي مع الحق، يدور الحق مع علي كيفما دار؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم باللّه، أتعلمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه وعترتي لن تضلّوا ما استمسكتم بهما، ولن يفترقا حتى يردا علىَّ الحوض؟ قالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم باللّه، هل فيكم أحد وقى رسول اللّه من المشركين بنفسه واضطجع في مضجعه، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه، هل فيكم أحد بارز عمرو بن ودّ العامري حيث دعاكم إلى البراز، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه، هل فيكم أحد أنزل اللّه فيه آية التطهير حيث يقول: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه، هل فيكم أحد قال له رسول اللّه: أنت سيد العرب غيري؟ قالوا: اللهم لا.
قال: فأنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: ما سألت اللّه شيئاً إلا سألت لك مثله، غيري؟ قالوا: اللهم لا.
ومنها: ما رواه أبو عمر الزاهد، عن ابن عباس، قال: لعلي أربع خصال ليس لأحد من الناس غيره: هو أوّل عربي وعجمي صلّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وهو الذي كان لواؤه معه في كلّ زحف، وهو الذي صبر معه يوم حنين، وهو الذي غسّله وأدخله قبره. صلّى اللّه عليهما.
وعن النبي صلّى اللّه عليه وآله قال: «مررت ليلة المعراج بقوم تشرشر أشداقهم فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال هؤلاء الذين يقطعون الناس بالغيبة. قال: مررت بقوم ضأضؤوا فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الكفار، قال: ثم عدلنا عن ذلك الطريق، فلما انتهينا إلى السماء الرابعة رأيت علياً يصلّي، فقلت لجبرئيل: يا جبرئيل، أهذا علي قد سبقنا؟ قال: لا، ليس هذا علياً. قلت: فمن هو؟ قال: إن الملائكة المقربين والملائكة الكروبيين، لما سمعت فضائل علي عليه السلام وبخاصّة سمعت قولك فيه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، اشتاقت إلى علي، فخلق اللّه لها ملكاً على صورة علي، فإذا اشتاقت إلى علي نظرت إلى ذلك الملك، فكأنها قد رأت علياً»!
وعن ابن عباس قال: إن المصطفى صلّى اللّه عليه وآله قال ذات يوم وهو نشيط: «أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى! قال: فقوله: أنا الفتى، يعني هو فتى العرب بإجماع، أي سيدها وقوله: ابن الفتى، يعني إبراهيم الخليل عليه السلام، من قوله عز وجل: (قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)، وقوله: أخو الفتى، يعني علياً عليه السلام وهو قول جبرئيل عليه السلام في يوم بدر وقد عرج إلى السماء بالفتح وهو فرحٌ وهو يقول: لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلا علي».
وعن ابن عباس قال: رأيت أبا ذر وهو متعلّق بأستار الكعبة وهو يقول: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر، لو صمتم حتى تكونوا كالأوتار، وصلّيتم حتى تكونوا كالحنايا، ما نفعكم ذلك حتى تحبوا عليّاً عليه السلام!
ومنها: ما نقله صاحب الفردوس في كتابه: عن معاذ عن النبي صلّى اللّه عليه وآله قال: «حبّ علي بن أبي طالب عليه السلام حسنة لا تضرّ معها سيئة، وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة».
وعن ابن مسعود، قال: «حبّ آل محمد خير من عبادة سنة ومن مات عليه دخل الجنة».
وعن أنس قال: كنت جالساً مع النبي صلّى اللّه عليه وآله إذ أقبل علي فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله: «أنا وهذا حجة اللّه على خلقه».
وعن النبي صلّى اللّه عليه وآله قال: «لو اجتمع الناس على حبّ علي لم يخلق اللّه النار».
ومنها: ما رواه أبو عبد اللّه الحافظ الشافعي بإسناده عن أبي برزة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «إن اللّه عهد إلي عهداً في علي فقلت: يا رب بيّنه لي فقال: إسمع فقلت: سمعت فقال: إن علياً راية الهدى وإمام الأولياء ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني ومن أبغضه أبغضني فبشّره بذلك! فجاء علي فبشّرته فقال: يا رسول اللّه! أنا عبد اللّه في قبضته فإن يعذبني فبذنوبي وإن يتم لي الذي بشّرتني به فاللّه أولى به، قال: فقلت: اللهم اجل قلبه واجعل ربيعه الإيمان! فقال اللّه عز وجل فقد فعلت به ذلك. ثم إنه رفع إلي أنه سيخصّه من البلاء بشيء لم يخص به أحد من أصحابي فقلت: يا ربّ أخي وصاحبي فقال: إن هذا شيء قد سبق، إنه مبتلى ومبتلى به».
ورواه صاحب كتاب حلية الأولياء.
وعن عمار بن ياسر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «أوصي من آمن بي وصدّقني بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام من تولاّه فقد تولاّني ومن تولاّني فقد تولّى اللّه عز وجل».
وعن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «يا علي من سبَّك فقد سبني ومن سبني فقد سبّ اللّه ومن سبّ اللّه أكبّه على منخريه في النار»!
والأخبار الواردة من قبل المخالفين أكثر من أن تحصى، لكن اقتصرنا في هذه المختصر على هذا القدر.
Menu