الفصل الثاني: في أن مذهب الإمامية واجب الاتباع
لأنه لما عمَّت البليّة على كافّة المسلمين بموت النبي صلّى اللّه عليه وآله واختلف الناس بعده، تعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم!
فبعضهم طلب الأمر لنفسه بغير حق وبايعه أكثر الناس طلباً للدنيا، كما اختار عمر بن سعد مُلْكَ الرىِّ أياماً يسيرة، لمَّا خُيِّرَ بينه وبين قتل الحسين عليه السلام، مع علمه بأن في قتله النار! وأخبر بذلك في شعره حيث قال:
فواللّه ما أدري وإني لصادق *** أفكر في أمري على خطرينِ
أأترك ملك الري، والرىُّ مُنيتي *** أم اصبحُ مأثوماً بقتل حسينِ
وفي قتله النار التي ليس دونها *** عذابٌ، ولي في الرىِّ قُرَّةُ عَيْنِ
وبعضهم اشتبه الأمر عليه ورأى طالب الدنيا مبايعاً له، فقلّده وبايعه وقصَّر في نظره، فخفي عليه الحق، واستحقَّ المؤاخذة من اللّه تعالى بإعطاء الحق لغير مستحقه، بسبب إهمال النظر.
وبعضهم قلّد لقصور فطنته، ورأى الجمَّ الغفير فبايعهم، وتوهّم أن الكثرة تستلزم الصواب، وغفل عن قوله تعالى: (وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)، (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور)!
وبعضهم طلب الأمر لنفسه بحق، وتابعه الأقلّون الذين أعرضوا عن الدنيا وزينتها، ولم تأخذه في اللّه تعالى لومة لائم، بل أخلص للّه تعالى واتبع ما أمر به من طاعة من يستحق التقديم.
وحيث حصلت للمسلمين هذه البليّة، وجب على كلّ واحد النظر في الحق واعتماد الإنصاف، وأن يقرّ الحق مقرّه ولا يظلم مستحقه، فقد قال اللّه تعالى: (أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).
وإنما كان مذهب الإمامية واجب الإتباع لوجوه: