هذا، ولقد كان ابن تيمية أسوة لمقلّديه حتى في إنكار وجود الأشخاص في هذا العالم! وقد اتبعه مقلّدوه في عصرنا فأنكر بعض الكتّاب المعاصرين وجود الشيخ محمد مرعي الأنطاكي الحلبي، الذي اختار مذهب الشيعة الإمامية وكتب في ذلك كتاباً أسماه (لماذا اخترت مذهب الشيعة). فكما أنكر ابن تيمية وجود الشيخ المرندي الشافعي ثم الشيعي مستنداً إلى من زعم أنه من البغداديين، كذلك هذا المعاصر أنكر وجود الشيخ الأنطاكي الحلبي مستنداً إلى شيخ في حلب فقال: «أمّا الكتب التي وصفوها وأساسها الكذب، فمن أمثلتها كتاب (المراجعات) وسيأتي كشف ما فيه، وكتاب (لماذا اخترت مذهب الشيعة) وهو يتضمن قصة مخترعة أو مؤامرة مصنوعة تتضمن أن عالماً من كبار علماء السنّة يدعى (محمد مرعي الأمين الأنطاكي) قد ترك مذهب السنة وأخذ بمذهب الشيعة، بعد أن تبين له بطلان الأول، وهذا الأنطاكي يزعم أنه نزيل حلب، رغم أنه لا يعرفه من كبار علمائها أحد، والكتاب ملئ بالدسّ والكذب والإفتراء والتجنيّ، مما لا يصدر إلا عن جاهل متعصب أو عن زنديق متستر بالتشيّع». ثم قال في هامشه: «سألت عنه بعض كبار علماء حلب، كالشيخ عبد الفتاح أبو غدّة فأفاد أنه مجهول، مع زعم هذا الباطني بأنه يشغل قاضي القضاة على مذهب السنة في حلب»(1).
إلا أن الشيخ محمد مرعي الأنطاكي جاء إلى العراق بصحبة أخيه الشيخ أحمد أمين الأنطاكي، ونزلا في مدينة كربلاء المقدسة ضيفين على والدنا العلاّمة وكنّا نقوم بخدمتهما، وفي دارنا ألّف كتابه المذكور، وسمعنا منهما كيف اختارا مذهب الشيعة، وفي حوزتنا الآن صورة لهذا الشيخ، كما أن بعض زملائنا أخذ منه إجازة في الحديث وهي موجودة الآن بخطّه عنده.
(1) مسألة التقريب بين أهل السنّة والشيعة. تأليف: ناصر بن عبد اللّه بن علي القفاري 2 / 131 ـ 132.