أقول: وجدنا في تراجم المدرِّسين الشافعية في المدرسة المستنصرية رجلين دفنا في حضرة الإمام موسى بن جعفر عليه السلام:
أحدهما: عماد الدين محمد المرندي الشافعي سابقاً، المتوفى سنة 680 أو 685، وردت ترجمته في كتاب الحوادث الجامعة: عماد الدين أبو ذي الفقار محمد بن الأشرف ذي الفقار أبي جعفر محمد بن أبي الصمصام ذي الفقار الحسني المرندي الشافعي، مدرس المستنصرية. ولد بمرند سنة 596، وتوفي في شعبان في سنة 680، ودفن في حضرة الإمام موسى بن جعفر، وله من العمر 84 سنة. وجاء في تاريخ الإسلام للذهبي ومنتخب المختار أنه توفي سنة 685.
قال ابن الفوطي: كان شيخاً فاضلاً زاهداً، قدم بغداد في شعبان سنة 630 وأنزل في رباط الخلاطية. ولما فتحت المدرسة المستنصرية في رجب سنة 31 رتب فقيهاً بها، ثم عيّن عليه شرف الدين إقبال الشرابي مدرساً لمدرسته التي أنشأها بواسط سنة 48، فانحدر إليها ودرّس بها. ولما فتحت المدرسة المستنصرية بعد الواقعة سنة 57 عيّن مدرّساً بها، وكان قد اشتغل على جدّه أبي الصمصام، وسمع صحيح البخاري على محمد ابن القطيعي شيخ دار المستنصرية. قال ابن الفوطي: وكتب لي بالإجازة، واجتمعت بخدمته لما قدمت من مراغة. وقد ورد ذكر عماد الدين في المقامات الزينية لابن الصيقل الجزري، حيث وصف بأنه رئيس الأصحاب أي أصحاب الشافعي، وركن الشريعة، وعلم الهدى(1).
والآخر: ابنه ذو الفقار القرشي المتوفى سنة 685. ترجمته في بغية الوعاة للسيوطي، وهو ابن عماد الدين المتقدّم ذكره، الذي كان مدرّساً للشافعية بالمستنصريّة أيضاً، ولد بخوي من آذربيجان في صفر سنة 623، وتوفي في يوم الجمعة 27 شعبان سنة 685، ودفن عند والده بالمشهد الكاظمي، وشيّعه قاضي القضاة والجماعة إلى مدفنه. قال الذهبي: نحوي، سمع ببغداد من الكاشغري وابن الخازن، ودرس بالمستنصرية. وقال ابن رافع: سمع من أبي بكر محمد بن سعيد ابن الخازن مسند الشافعي ومعجم الإسماعيلي، ومن إبراهيم بن عثمان الكاشغري شيخ دار السنة بالمستنصرية، كتبت عنه. وكان كريم الصحبة جميل الأخلاق… وقد أجاز لأبي محمد عبد العزيز البغدادي وللحافظ علم الدين البرزالي. وقد سمع من المقامات الزينية المجلس الأول فقط من منشئها ابن الصيقل الجزري سنة 676 برواق المدرسة المستنصرية(2).
(1) تاريخ المستنصرية 1 / 215 ـ 216.
(2) تاريخ المستنصرية 1 / 216 ـ 217.