الإنكار للثوابت
بل في كتابه إنكار الحقائق التاريخيّة الراهنة… وهذا من أجلى سِمات كتابه، وأكثر أساليبه استعمالا فيه… ولعلّ من أوضح مصاديق هذا العنوان إنكاره ـ بإصرار وتأكيد ـ، كون أبي بكر وعمر في بعث اُسامة، ودعواه أنّ أحداً من أهل السّير لم يرو ذلك أبداً، بل اتّفقوا على أن أبا بكر بالخصوص لم يكن في هذا البعث… مع أن القضية بالعكس تماماً، وأنّه لا خلاف بينهم في أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر أبا بكر وعمر وغيرهما من مشايخ الصحابة وكبارهم بالخروج مع اُسامة، وقد ذكرنا في محلّه نصّ كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري.
ومن ذلك أيضاً: إنكاره وجود المنافق بين المهاجرين(1). مع أنّه مخالفة لما دلّت عليه سور القرآن الكريم وآياته، لا سيّما سورة (المدثر) المكية بالإجماع… وهذا من المباحث المهمة ذات الأثر الكبير جدّاً، والتفصيل في محلّه.
بل حاول إنكار وجود بعض الأشخاص في هذا العالم، كإنكاره العالم المدرّس في المستنصريّة الذي كان في الباطن إماميّاً، وأوصى بأن يدفن عند الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام في بغداد… وقد أثبتنا هذه الحقيقة في (الشرح).
(1) منهاج السنة 8/449، 474.