5 ـ دفاعه عن الولاة الظلمة
ويؤكّد ابن تيمية على حرمة الخروج على «الولاة الظلمة» وقتالهم، وعلى وجوب إطاعتهم والإنصياع لهم… فيقول بعد كلام له:
«فهذا أمره بقتال الخوارج، وهذا نهيه عن قتال الولاة الظلمة، وهذا مما يستدلّ به على أنه ليس كلّ ظالم باغ يجوز قتاله»(1).
وقال في الجواب عمّا ذكره العلاّمة من حكم العقل بضرورة كون الإمام معصوماً، وأن لا معصوم إلاّ علي، فهو الإمام. قال:
«وأمّا المقدّمة الثانية، فلو قدّر أنه لابدّ من معصوم، فقولهم ليس بمعصوم غير علي إتّفاقاً ممنوع، بل كثير من الناس من عبّادهم وصوفيّتهم وجندهم وعامّتهم يعتقدون في كثير من شيوخهم من العصمة…
وأيضاً، فكثير من أتباع بني اُميّة أو أكثرهم كانوا يعتقدون أن الإمام لاحساب عليه ولا عذاب، وأن الله لا يؤاخذهم على ما يطيعون فيه الإمام، بل تجب عليهم طاعة الإمام في كلّ شيء، والله أمرهم بذلك، وكلامهم في ذلك معروف كثير… ولهذا تجد في كلام كثير من كبار هم الأمر بطاعة ولي الأمر مطلقاً وأن من أطاعه فقد أطاع الله…
وحينئذ، فالجواب من وجهين: أحدهما: أن يقال: كلٌ من هذه الطوائف إذا قيل لها: إنه لابدَّ لها من إمام معصوم تقول: يكفيني عصمة الإمام الذي ائتممت به، لا أحتاج إلى عصمة الاثني عشر، لا علي ولا غيره… بل كثير من الناس يعتقدون أنّه من يطع الملوك لا ذنب له في ذلك كائناً من كان، ويتأوّلون قوله: (أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ).
فإن قيل: هؤلاء لا يعتدُّ بخلافهم.
قيل: هؤلاء خير من الرافضة الإسماعيلية.
وأيضاً: فإنّ أئمة هؤلاء وشيوخهم خير من معدوم لا ينتفع به بحال.
فهم بكلّ حال خير من الرافضة.
وأيضاً: فبطلت حجة الرافضة بقولهم: لم تُدّع العصمة إلاّ في علي وأهل بيته…»(2).
أقول:
فاقرأ واحكم!
(1) منهاج السنة 5/151.
(2) منهاج السنة 6/430ـ432.