5 ـ حماقات الشّيعة
وذكر ابن تيميّة أُموراً عزاها إلى الشيعة وجعلها من حماقاتهم، قال:
«وأما سائر حماقاتهم فكثيرة جدّاً:
مثل: كون بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد…
ومثل: كونهم يكرهون التكلّم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة، حتى في البناء لا يبنون على عشرة أعمدة، ولا بعشرة جذوع، ونحو ذلك، لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنّة…
وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان، ولمن يتسمّى بذلك، حتى أنهم يكرهون معاملته… ثمّ مع هذا، إذا تسمى الرجل عندهم باسم علي أو جعفر أو حسن أو حسين أو نحو ذلك، عاملوه وأكرموه…
ومن حماقاتهم أيضاً أنهم يجعلون للمنتظر عدّة مشاهد ينتظرونه فيها، كالسّرداب الذي بسامراء، الذي يزعمون أنه غاب فيه، ومشاهد اُخر، وقد يقيمون هناك دابةً ـ إما بغلة وإمّا فرساً وإمّا غير ذلك ـ ليركبها إذا خرج، ويقيمون هناك ـ إمّا في طرفي النهار وإما في أوقات اخر ـ من ينادي عليه بالخروج: يا مولانا اُخرج يا مولانا اخرج، ويشهرون السلاح، ولا أحد هناك يقاتلهم، وفيهم من يقوم في أوقات الصلاة دائماً لا يصلّي خشية أن يخرج وهو في الصلاة، فيشتغل بها عن خروجه وخدمته، وهم في أماكن بعيدة عن مشهده، كمدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم، إمّا في العشر الأواخر من شهر رمضان، وإمّا في غير ذلك، يتوجّهون إلى المشرق وينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه…
ومن حماقاتهم تمثيلهم لمن يبغضونه بالجماد أو حيوان، ثم يفعلون بذلك الجماد والحيوان ما يرونه عقوبةً لمن يبغضونه، مثل اتّخاذهم نعجة ـ وقد تكون نعجة حمراء، لكون عائشة تسمى الحميراء ـ يجعلونها عائشة ويعذّبونها بنتف شعرها وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة. ومثل اتخّاذهم حِلساً مملوءاً سمناً ثم يبعجون بطنه فيخرج السّمن فيشربونه ويقولون: هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه. ومثل تسمية بعضهم لحمارين من حُمر الرحا أحدهما بأبي بكر والآخر بعمر، ثم يعاقبون الحمارين جعلا منهم تلك العقوبة عقوبةً لأبي بكر وعمر…
ومن حماقتهم إظهارهم لما يجعلونه مشهداً، فكم كذبوا الناس وادّعوا أن في هذا المكان ميتاً من أهل البيت، وربما جعلوه مقتولا، فيبنون ذلك مشهداً، وقد يكون ذلك قبر كافر أو قبر بعض الناس، ويظهر ذلك بعلامات كثيرة…
ومن حماقاتهم إقامة المأتم والنياحة على من قد قتل من سنين عديدة…
وحماقاتهم يطول وصفها لا يحتاج إلى أن تنقل بإسناد»(1).
* وأعاد ذكر هذه الاُمور مرةً أخرى فقال:
«إن فيهم من حرّم لحم الجمل، لأن عائشة قاتلت على جمل…
ومن تعصّبهم: إنّهم لا يذكرون اسم العشرة…
وكذلك من جهلهم وتعصّبهم أنّهم يبغضون أهل الشام، لكونهم كان فيهم أوّلا من يبغض عليّاً…
وكذلك من جهلهم أنهم يذمّون من ينتفع بشيء من آثار بني اُميّة، كالشرب من نهر يزيد…
ومن فرط جهلهم وتعصّبهم أنهم يعمدون إلى يوم أحبّ الله صيامه فيرون فطره، كيوم عاشوراء…
ومن فرط جهلهم وتعصّبهم أنّهم يعمدون إلى دابّة عجماء، فيؤذونها بغير حق…»(2).
* وكرّر هذه القضايا مرةً ثالثة حيث قال:
«وكذلك كراهتهم لأسماء، نظير أسماء من يبغضونه، ومحبّتهم لأسماء نظير أسماء من يحبّونه، من غير نظر إلى المسمّى، وكراهتهم لأن يُتكلّم أو يعمل بشيء عدده عشرة، لكراهتهم نفراً عشرة، واشتفاؤهم ممّن يبغضونه كعمر وعائشة وغيرهما، بأن يقدّروا جماداً كالحيس أو حيواناً كالشاة الحمراء، أنه هو الذي يعادونه، ويعذّبون تلك الشاة تشفّياً من العدو، من الجهل البليغ الذي لم يعرف عن غيرهم.
وكذلك إقامة المآتم والنوح، ولطم الخدود وشق الجيوب وفرش الرماد وتعليق المسوح وأكل المالح حتى يعطش ولا يشرب ماء، تشبّهاً بمن ظلم وقتل وإقامة مأتم بعد خمسمائة أو ستمائة سنة من قتله، لا يعرف لغيرهم من طوائف الامّة»(3).
تناقضات ابن تيميّة
أمّا صيام يوم عاشوراء، فقد ورد في روايات أهل البيت عليهم السّلام أيضاً، لكنّ أتباعهم يمسكون في هذا اليوم عن الأكل والشرب حزناً على سيّد الشهداء وأهل بيته وأنصاره وتأسّياً بهم، فالقول بأنّهم يرون إفطاره كذبٌ عليهم، وأتباع آل أبي سفيان يصومونه سروراً بقتل سبط النبيّ وسيد شباب أهل الجنّة.
وأمّا إقامة المأتم على هذا الإمام الشهيد المظلوم، فتلك سنة جدّه الطاهر وآله وأصحابه، وليس المانع إلاّ عمر.
وأمّا سائر الأمور التي ذكرها ونسبها إلى الشّيعة، فكلّها كذبٌ عليهم، وابن تيميّة عالمٌ بأنه يكذب عليهم فيها، ولذا يقول في أحد الموارد التي عنون فيها هذه القضايا:
«وممّا ينبغي أن يعرف أن ما يوجد في جنس الشيعة من الأقوال والأفعال المذمومة وإن كان أضعاف ما ذكر، لكن قد لا يكون هذا كلّه في الإماميّة الاثني عشرية، ولا في الزيدية، ولكن يكون كثير منه في الغالية، وفي كثير من عوامهم»(4).
وأيضاً، فإنّه يشنّع على الشيعة ببعض القضايا التي نسبها إليهم، ومع ذلك ينصّ بالتالي على أن هذا قول عوامهم، وعلماؤهم لا يقولون ذلك!! فانظر إلى كلامه الآتي:
«مثل ما يذكر عنهم من تحريم لحم الجمل، وأن الطّلاق يشترط فيه رضا المرأة، ونحو ذلك، ممّا يقوله بعض عوامهم، وإن كان علماؤهم لا يقولون ذلك»(5).
فيلاحظ:
أولا: يقول هنا: «مثل يُذكر عنهم» فكأنه يريد الخروج عن عهدة المطلب، مع أنه نسب إلى الشيعة هذه الاُمور جازماً بالنّسبة(6).
وثانياً: لقد نسب هذا القول إلى كلّ الفرقة، ويقول هنا «يقوله بعض عوامهم» وحتى لا كلّهم!!
وثالثاً: إنّه ينصُّ على أنّه «كان علماؤهم لا يقولون ذلك» وحتّى لا بعضهم!! فلماذا هذه الشّتائم؟!
«وأترك الحكم للقارىء المنصف الذي يريد الله والدار الآخرة»!
(1) منهاج السنة 1/38ـ55 ملخصاً.
(2) منهاج السنة 4/138ـ149. ملخصاً.
(3) منهاج السنة 5/176ـ177.
(4) منهاج السنة 1/57.
(5) منهاج السنة 1/57.
(6) وانظر أيضاً: منهاج السنة 5/176 وفيه النسبة القطعية الى «كثير من عوامهم».