2 ـ خلافة عمر وأفضليّته
ولعلّ في البحث عن النص، والإجماع، والأفضليّة، في حق أبي بكر، وظهور عدم ثبوت شيء منها، ما يكفينا عن استقصاء الكلام عما استدلّ به لخلافة عمر من بعده…
لقد أكثر ابن تيمية من دعوى أن عمر أفضل النّاس بعد أبي بكر، وذكر لإثبات ذلك أحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولكنّ رواة هذه الأحاديث في الأغلب هم: عمر بن الخطاب نفسه، وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وعائشة، وهذه هي المخرّجة في كتاب البخاري أو مسلم… وهناك أحاديث نقلها عن السنن أو خارج الكتب الستّة، ومنها ما أرسله إرسالا كقوله: «وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لو لم اُبعث فيكم لبعث فيكم عمر»(1)، وأورده مرةً اُخرى وعزاه إلى سنن الترمذي، وليس فيه!!
لكنّ هذا الحديث أدرجه ابن الجوزي في (الموضوعات) وهو الكتاب الذي طالما استند إليه ابن تيمية في ردّ فضائل أميرالمؤمنين!!
وأورد عدّة مناقب لعمر، هي آثار عن الصّحابة وليست عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفي أسانيد كثير منها كلام.
لكنّ العمدة هي تولية أبي بكر له…
إلاّ أنّ الكلام في أصل ولاية أبي بكر، وفي جواز أن يولّي أحداً من بعده، لا سيّما وأن عمر نفسه نصّ على أنّ الإمامة يجب أن تكون بمشورة من المسلمين، وأن من بايع من غير مشورة يُقتل!
هذا، مضافاً إلى أنّ غير واحد من أهل الشوكة والسابقين الأوّلين كره ذلك واعترض على أبي بكر قائلا: «ما تقول لربّك؟!»، وهذا ما اعترف به ابن تيمية أيضاً(2).
(1) منهاج السنة 6/55.
(2) منهاج السنة 6/321.