2 ـ معارضة قول الاثني عشرية بقول غير الاثني عشرية:
ومن هذا القبيل موارد كثيرة، نذكر بعضها:
* يقول العلامة: «الفصل الرابع: في إمامة باقي الأئمة الاثني عشر. لنا في ذلك طرق: أحدها: النص. وقد توارثته الشيعة في البلاد المتباعدة خلفاً عن سلف:
عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال للحسين: هذا إمام، ابن إمام، أخو إمام، أبو أئمة تسعة…»(1).
فهو ـ رحمه الله ـ يستدل على إمامة الائمة الاثني عشر بالنص الذي توارثه القائلون بإمامتهم… فيذكر واحداً.
لكن ابن تيميّة يعارض هذا الإستدلال بقول «الزيدية» الذين لا يقولون إلاّ بإمامة أربعة منهم، وبقول: «الإسماعيلية» الذين لا يقولون إلاّ بإمامة ستة منهم!! فيقول:
«والجواب من وجوه: أحدها: أن يقال: أولا هذا كذب على الشيعة،
فإنّ هذا لا ينقله إلاّ طائفة من طوائف الشيعة، وسائر طوائف الشيعة تكذّب هذا، والزيدية بأسرها تكذّب هذا ـ وهم أعقل الشيعة وأعلمهم وخيارهم ـ والإسماعيليّة كلّهم يكذّبون بهذا. وسائر فرق الشيعة تكذّب بهذا إلاّ الإثني عشرية، وهم فرقة من نحو سبعين فرقة من طوائف الشيعة.
وبالجملة، فالشيعة فرق متعددة جدّاً، وفرقهم الكبار أكثر من عشرين فرقة، كلّهم تكذّب هذا، إلاّ فرقة واحدة، فأين تواتر الشيعة؟
الثاني: أن يقال: هذا معارض بما نقله غير الإثني عشرية من الشيعة من نص آخر يناقض هذا، كالقائلين بإمامة غير الاثني عشر، وبما نقله الراوندية أيضاً، فإنّ كلاًّ من هؤلاء يدّعي من النص…»(2).
أقول: قد ذكر العلاّمة طريق الشيعة الاثني عشرية لإثبات إمامة باقي الأئمة الاثني عشر، وكان لابن تيميّة أن يورد على هذا الطريق بالردّ عليه سنداً أو دلالةً،لا أن يورد عليه بقول من لا يرتضيه لاهو ولا العلاّمة طاب ثراه.
* بل إنه يعارض قول الاثني عشرية بقول العباسيّة، وهو قول مردود عند الشيعة والسنّة جميعاً، يقول ابن تيمية بعد كلام له:
«والمقصود هنا أن أقوال الرافضة معارضة بنظيرها، فإنّ دعواهم النصّ على علي، كدعوى أولئك النص على العبّاس، وكلا القولين مما يعلم فساده بالإضطرار..»(3).
(1) منهاج السنة 8/247.
(2) منهاج السنة 8/247ـ248.
(3) منهاج السنة 1/504.