الدليل على إمامة علي من العقل
المنهج الأول في الأدلة العقليّة وهي خمسة:
فالأول من هذه الأدلّة يتلخّص في: إنّ الإمام يجب أن يكون معصوماً، لأنّ الناس لا تنتظم أمورهم إلاّ بإمام معصوم يرشدهم إلى الحق ويصدّهم عن الباطل، ولو لم يكن معصوماً لاحتاج إلى إمام، فإن لم يكن ذاك معصوماً لاحتاج إلى إمام آخر، فيلزم التسلسل.
هذا، وأبو بكر وعمر وعثمان لم يكونوا معصومين، وعلي عليه السّلام معصوم، فيكون هو الإمام.
أمّا عدم عصمة أولئك فبالإتّفاق. وأمّا عصمته فلآية التطهير وغيرها من الأدلّة من الكتاب والسنّة.
والثّاني خلاصته: إن الإمام يجب أن يكون منصوصاً عليه من الله ورسوله، وغير علي عليه السلام من أئمتهم لم يكن منصوصاً عليه بالإجماع، فتعيّن أن يكون هو الإمام.
أمّا أنّ أبا بكر وتالييه غير منصوص عليهم بالإجماع، فقد اعترف بذلك كبار علمائهم في الحديث والكلام، وبه أحاديث في كتبهم الموسومة بالصّحاح.
وأمّا أن علياً عليه السّلام هو المنصوص عليه، فبالإجماع أيضاً، أمّا الشيعة فقولهم بذلك معلوم، وأمّا السنّة فرواياتهم الدالّة على ذلك لا تحصى.
والثالث حاصله: إن الإمام يجب أن يكون حافظاً للشرع، والحافظ للشرع يجب أن يكون منصوباً من الله تعالى، معصوماً من الخطأ والزلل، وإلاّ لا يكون حافظاً، وغير علي عليه السلام لم يكن كذلك بالإجماع.
أي: وغير علي لم يكن منصوباً معصوماً بالإجماع، كما تقدّم.
والرّابع موجزه: أنّ الله تعالى قادر على نصب إمام معصوم، وحاجة العالم داعية إليه، ولا مفسدة فيه. فيجب نصبه. وغير علي عليه السلام لم يكن كذلك بالإجماع، فتعيّن أن يكون الإمام هو علي عليه السّلام، وقد أشرنا إلى أنّ القوم أيضاً بعترفون بعدم كون أئمتهم منصوبين من قِبَل الله ورسوله.
والخامس: إن الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيّته، وعلي عليه السّلام أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فيكون هو الإمام، لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلا ونقلا.
ولا يخفى أن ابن تيميّة من القائلين باشتراط الأفضلية في الإمام، لقبح تقديم المفضول على الفاضل، حيث قال ما حاصله: تولية المفضول مع وجود الأفضل ظلم(1).
أمّا أن علياً هو الأفضل فللأدلّة من العقل والنقل، المذكورة في هذا الكتاب وغيره.
(1) منهاج السنة 6/475، 8/223، 228 وغيرها.