ذكر العلاّمة طاب ثراه مذهب الإمامية، وأنهم «اعتقدوا أنّ الله تعالى هو المخصوص بالأزليّة والقدم، وأنّ كلّ ما سواه محدث لأنّه واحد، وأنّه ليس بجسم ولا في مكان، والاّ لكان محدثاً، بل نزهّوه عن مشابهة المخلوقات»(1).
ثم ذكر عقيدة غير الإمامية الاثني عشرية قائلا: «وأمّا باقي المسلمين، فقد ذهبوا كلّ مذهب:
فقال بعضهم ـ وهم جماعة الأشاعرة ـ إنّ القدماء كثيرون مع الله تعالى، وهي المعاني التي يثبتونها موجودةً في الخارج، كالقدرة والعلم وغير ذلك، فجعلوه تعالى مفتقراً في كونه عالماً إلى ثبوت معنى هو العلم، وفي كونه قادراً إلى ثبوت معنى هو القدرة، وغير ذلك، ولم يجعلوه قادراً لذاته، ولا عالماً لذاته، ولا رحيماً لذاته، ولا مدركاً لذاته، بل لمعان قديمة يفتقر في هذه الصفات إليها، فجعلوه محتاجاً ناقصاً في ذاته كاملا بغيره، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً…
وقال جماعة الحشوية والمشبّهة: إنّ الله تعالى جسم له طول وعرض وعمق، وأنّه يجوز عليه المصافحة، وأنّ المخلصين من المسلمين يعانقونه في الدنيا.
وحكى الكعبي عن بعضهم: أنه كان يجوّز رؤيته في الدنيا، وأنّه يزورهم ويزورونه.
وحكي عن داود الظاهري(2) أنه قال: أعفوني عن اللحية والفرج واسألوني عمّا وراء ذلك، وقال: إن معبوده جسم ولحم ودم، وله جوارح وأعضاء وكبد ورجل ولسان وعينين واُذنين. وحكي أنه قال: هو مجوّف من أعلاه إلى صدره مصمت ما سوى ذلك، وله شعر قطط، حتى قالوا: اشتكت عيناه فعادته الملائكة، وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه، وأنه يفضل من العرش من كلّ جانب أربع أصابع.
… وقالت الكراميّة: إن الله تعالى في جهة فوق. ولم يعلموا أن كلّ ما هو في جهة فهو محدَثٌ ومحتاج إلى تلك الجهة»(3).
(1) منهاج الكرامة في معرفة الامامة ـ الفصل الثاني: 37.
(2) كذا هنا لا «الطائي» كما نسب إلى العلاّمة وجعل يتحامل عليه 2/260، وفي الملل والنحل: «الجواربي» وفي منهاج السنة 1/259 الطبعة القديمة: «الجواهري».
(3) منهاج الكرامة في معرفة الإمامة ـ الفصل الثاني: 37 ـ 40.