عمّار
حديث: تقتل عمّاراً الفئة الباغية
وأطال ابن تيميّة الكلام على حديث تقتلُ عماراً الفئة الباغية، وحاول تهوينه سنداً ودلالةً، فنسب إلى بعض القول بضعفه، وذكر في كلمة «البغي» و«الباغية» احتمالات.. لكنّها كلّها محاولات يائسة، فإنّ هذا الحديث مقطوع بصدوره عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهو من أعلام نبوّته…
ونحن نكتفي بكلامه حول سنده في موضع واحد، فإنه قال: «الذي في الصحيح: تقتل عمّاراً الفئة الباغية. وطائفة من العلماء ضعّفوا هذا الحديث، منهم الحسين الكرابيسي وغيره، ونقل ذلك عن أحمد أيضاً. وأمّا قوله: لا أنالهم الله شفاعتي، فكذب مزيد في الحديث، لم يروه أحد من أهل العلم بإسناد معروف»(1).
أقول:
أمّا حديث «تقتل، أو تقتله، أو تقتلك: الفئة الباغية» فحديث أخرجه مسلم وغيره من أرباب الصحاح، وهو متواتر كما نصّ عليه الأئمة المرجوع إليهم في مثل هذه الأمور، كالحافظ المزي والحافظ ابن حجر العسقلاني(2) وغيرهما.
وأما الحسين الكرابيسي ـ إن صحّت النسبة إليه ـ فرجل معروف بالإنحراف عن أهل البيت عليهم السّلام.
وأمّا نقل ذلك عن أحمد، فمن النّاقل؟ وأين؟
وأمّا قوله: «لا الله شفاعتي» في الذيل، فهذا أحد أسانيده كما قال الموفّق بن أحمد الخوارزمي:
«أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد السبعي النيسابوري بها، حدّثنا أبو العبّاس الأصم، حدّثنا إبراهيم بن مرزوق، حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن سعيد بن أبي الحسن، عن اُمّه، عن اُمّ سلمة: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لعمّار: تقتلك الفئة الباغية…»(3)
وفي السند غير واحد من الحفّاظ والأئمة.
(1) منهاج السنة 6/259.
(2) تهذيب الكمال ـ الترجمة 4174، عمّار بن ياسر العنسي 21/224، تهذيب التهذيب ـ الترجمة 5014، عمّار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة 7/346.
(3) المناقب ـ الفصل الثالث في بيان قتال أهل الشام أيّام صفين الحديث 227: 191.