سبب تأليفه
وقال العلاّمة رحمه الله في المقدمة: «أما بعد، فهذه رسالة شريفة ومقالة لطيفة، إشتملت على أهمّ المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين، وهي مسألة الإمامة، التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة، وهي أحد أركان الإيمان، المستحق بسببه الخلود في الجنان، والتخلّص من غضب الرحمان، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة…
قد لخّصت فيها خلاصة الدلائل، وأشرت إلى رؤوس المسائل…»(1).
وقد قدّم الكتاب إلى: السلطان محمّد خدا بنده…
فالغرض من الكتاب ـ سواء كان تأليفه بطلب من السلطان أو غيره، أو لم يكن بطلب من أحد ـ هو معرفة الإمامة وتبيين الدلائل على إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السّلام وخلافته بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، من العقل والنقل… وليس في كلام العلاّمة ما يشير إلى صدور أمر من السلطان المذكور بتأليف هذا الكتاب كما توهّم، إلاّ أن يكون في قوله: «خدمت بها خزانة السلطان…»(2) دلالة على ذلك.
نعم قد صرّح في مقدّمة كتابه الآخر (نهج الحق وكشف الصّدق) بأنّ وضعه كان بمرسوم من السلطان، حيث قال: «وإنما وضعنا هذا الكتاب حسبةً لله ورجاءً لثوابه، وطلباً للخلاص من أليم عقابه; بكتمان الحق وترك إرشاد الخلق، وامتثلت فيه مرسوم سلطان…»(3).
وكيف كان… فإنّ الغرض من تأليف هذا الكتاب هو «معرفة الإمامة» وبيان عقائد الشيعة الإمامية الاثني عشريّة فيها «من غير تطويل مملّ ولا إيجاز مخلّ».
وكذلك دأب العلاّمة في غير هذا الكتاب من كتبه الكلاميّة.
هذا، ولا يخفى أن الكتب الموضوعة في العقائد ـ وخاصّة في الإمامة ـ من قبل علماء الشّيعة الاثني عشرية، منذ القرون الأولى، قد وضعت إمّا بياناً للعقيدة وذكر أدلّتها من الكتاب والسنّة وغيرهما، كما هو الحال في كتب العلاّمة، من أمثال (كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد) و(مناهج المتقين في أصول الدين) و(نهج الحق وكشف الصّدق) و(منهاج الكرامة في معرفة الإمامة)… وإمّا دفاعاً عن العقيدة وردّاً على تهجّم الآخرين عليهم، ومن هذا القبيل كتاب (الشّافي في الإمامة في الرد على المغني) و(بناء المقالة الفاطميّة في الردّ على الرسالة العثمانية) و(إحقاق الحق وإزهاق الباطل في الردّ على ابن روزبهان) و(عبقات الأنوار في الردّ على التحفة الاثني عشرية) وكثيرٌ غيرها…
أمّا أن يؤلّف العالم الشّيعي كتاباً يتهجّم فيه على أهل السنّة ويشتم ويسبّ ويفتري ويكذب، فلا يوجد هكذا كتاب إطلاقاً.
(1) منهاج الكرامة في معرفة الإمامة: 27ـ29.
(2) منهاج الكرامة في معرفة الإمامة: 27.
(3) نهج الحق وكشف الصدق: 38.