بين علي وبين الكفّار والمنافقين
يقول ابن تيميّة: «لم يعرف أنّ علياً كان يبغضه الكفار والمنافقون»(1).
وفي موضع آخر يقول: «لم يكن لعلي إلى أحد منهم إساءة، لا في الجاهلية ولا في الإسلام، ولا قتل أحداً من أقاربهم، فإنّ الذين قتلهم علي لم يكونوا من أكبر القبائل، وما من أحد من الصّحابة إلاّ وقد قتل أيضاً.
وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ أشدّ على الكفّار وأكثر عداوةً لهم من علي، فكلامهم فيه وعداوتهم له معروفة»(2).
إذن! لم يكن لعلي إلى أحد منهم إساءة، والذين قتلهم لم يكونوا من «أكبر القبائل»!! فأنصف ولم يقل: كانوا «من الموالي»!!
أمّا عمر فكان «أشد على الكفّار وأكثر عداوةً لهم» بأيّ شيء؟ ومتى؟ لا يصرّح بالقتل والقتال، لأنه يعلم بواقع الحال!!
لكنّه في موضع آخر لا يستحي فيقول: «وقوله: إنّ علياً قتل بسيفه الكفّار. فلا ريب أنه لم يقتل إلاّ بعض الكفار، وكذلك سائر المشهورين بالقتال من الصحابة، كعمر والزبير وحمزة والمقداد وأبي طلحة والبراء بن مالك وغيرهم رضي الله عنهم، ما منهم من أحد إلاّ قتل بسيفه طائفةً من الكفار».
وهل قتل عمر بسيفه طائفة من الكفّار؟
هنا يضطر إلى أن يقول: «والقتال يكون بالدعاء كما يكون باليد»(3).
إذن! قتل عمر طائفة من الكفار بالدّعاء!!
وقد كرّر هذا الكلام في موضع آخر، إذ قال: «وهؤلاء لم يقتل علي أحداً منهم ولا أحداً من الأنصار، وقد كان عمر ـ رضي الله عنه ـ أشدّ عداوةً منذ أسلم للمشركين من علي، فكانوا يبغضونه أعظم من بغضهم لسائر الصّحابة، وكان الناس ينفرون عن عمر لغلظته وشدّته أعظم من نفورهم عن علي»(4).
لكنّه ـ على كلّ حال ـ لم يدّع «قتالا» لأبي بكر، لا «بسيفه» ولا «بالدعاء»!.. بل لمّا أراد ذكره بدلّ التعبير من «القتل» إلى «الجهاد» فكان جهاد أبي بكر وغيرهم أعظم من جهاد علي!
يقول: «وأمّا علي ـ رضي الله عنه ـ فلا ريب أنه ممّن يحب الله ويحبّه الله، لكن ليس بأحق بهذه الصفة من أبي بكر وعمر وعثمان، ولا كان جهاده للكفّار والمرتدّين أعظم من جهاد هؤلاء، ولا حصل به من المصلحة للدين أعظم مما حصل بهؤلاء»(5).
(1) منهاج السنة 7/461.
(2) منهاج السنة 4/361.
(3) منهاج السنة 4/480ـ482.
(4) منهاج السنة 6/321.
(5) منهاج السنة 7/218.