ابن حجر العسقلاني (852)
وقال ابن حجر في الدرر الكامنة:
«استشعر أنّه مجتهد، فسار يردُّ على صغير العلماء وكبيرهم، قديمهم وحديثهم. حتى انتهى إلى عمر، فخطّأه في شيء، فبلغ الشيخ إبراهيم الرقيّ فأنكر عليه، فذهب إليه واعتذر واستغفر. وقال في حق علي: أخطأ في سبعة عشر شيئاً، ثمّ خالف فيها نصّ الكتاب!».
فذكر ابن حجر من تكلّم ابن تيمية في العلماء:
«اغلظ ابن تيمية القول في سيبويه، فنافره أبو حيّان وقطعه بسببه، قال: يفشّر سيبويه».
«سبّ الغزالي. فقام عليه قوم كادوا يقتلونه».
«كان.. يقع في ابن عربي…».
وذكر من عقائده:
«حديث النزول، فنزل عن المنبر درجتين فقال: كنزولي هذا».
و«ردّه على من توسّل بالنبي صلّى الله عليه وسلّم أو استغاث».
قال: «كتب عليه محضر بالتوبة عن القول بالتجسيم… في خامس عشري ربيع الأول سنة 707».
قال: «كان إذا حوقق وألزم يقول: لم ارد هذا، إنما أردت كذا، فيذكر احتمالا بعيداً».
وذكر من مواقف العلماء معه: كلام الذهبي الآتي، وأنّه:
«انحرف عنه ابن الزملكاني وأبو حيّان».
وأورد الاختلاف بينهم حول ابن تيمية:
«وافترق الناس فيه شيعاً:
فمنهم: من نسبه إلى التجسيم…
ومنهم: من ينسبه إلى الزندقة..
ومنهم: من ينسبه إلى النفاق، لقوله في علي ما تقدّم، ولقوله: إنه كان مخذولا حيثما توجّه، وأنه حاول الخلافة مراراً، فلم ينلها، وإنما قاتل للرياسة لا للديانة…
ونسبه قوم إلى أنه يسعى في الإمامة الكبرى، فإنّه كان يلهج بذكر ابن تومرت ويطريه…»(1).
وقال ابن حجر العسقلاني أيضاً بذكر العلاّمة:
«صنّف كتاباً في فضائل علي رضي الله عنه، نقضه الشيخ تقي الدين ابن تيميّة، في كتاب كبير، وقد أشار الشيخ تقي الدين السبكي إلى ذلك في أبياته المشهورة…».
قال: «فذكر في بقية الأبيات ما يعاب به ابن تيمية من العقيدة»(2).
قال: «طالعت الردّ المذكور فوجدته كما قال السبكي في الاستيفاء، لكن وجدته كثير التحامل إلى الغاية في ردّ الأحاديث التي يوردها ابن المطهر… ردّ في ردّه كثيراً من الأحاديث الجياد التي لم يستحضر حالة التصنيف مظانّها، لأنّه كان لاتّساعه في الحفظ يتّكل على ما في صدره، والانسان عائد للنسيان.
وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدّته أحياناً إلى تنقيص علي رضي الله عنه. وهذه الترجمة لا تحتمل إيضاح ذلك وإيراد أمثلته»(3).
وقال ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري، كتاب فضل الصلاة في مكة والمدينة:
«.. والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شدّ الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنكرنا صورة ذلك، وفي شرح ذلك من الطرفين طول. وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية. ومن جملة ما استدلّ به على دفع ما ادّعاه غيره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنّه كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة، فإنها من أفضل الأعمال وأجلّ القربات الموصلة إلى ذي الجلال، وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع، والله الهادي إلى الصواب»(4).
(1) الدرر الكامنة ـ الترجمة 409، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ـ 1/144ـ160.
(2) ذكرنا الأبيات سابقاً.
(3) لسان الميزان، الترجمة 9465، يوسف والد الحسن بن المطهر الحلي 7/529ـ530.
(4) فتح الباري 3/66.