2 ـ السبب في خروج عائشة ونكث طلحة والزبير بيعة الإمام.
قال المؤرّخون: إنّ طلحة والزبير سألا أمير المؤمنين عليه السلام أن يؤمّرهما على الكوفة والبصرة، فقال: تكونان عندي فأتجمّل بكما، فإنّي وحش لفراقكما.
فخرجا من عنده وطلحة يقول: ما لنا من هذا الأمر إلاّ كلحسة الكلب أنفه… ثمّ ظهرا إلى مكّة يزعمان أنّهما يريدان العمرة، فقال الإمام عليه السلام: بل تريدان الغدرة.
وأمّا عائشة، فكانت تريد الأمر لطلحة ابن عمّها، وما كانت تشكّ في أنّه هو صاحب الأمر، فلمّا بلغها بيعة الناس للإمام عليه السلام خرجت عليه….
قال الطبري: «خرج ابن عبّاس، فمرّ بعائشة في الصلصل فقالت: يا ابن عبّاس! أنشدك اللّه فإنّك قد أُعطيت لساناً إزعيلاً أن تخذّل عن هذا الرجل، وأن تشكّك فيه الناس؛ فقد بانت لهم بصائرهم، وأنهجت ورفعت لهم المنار، وتحلّبوا من البلدان لأمر قد حُمّ، وقد رأيت طلحة بن عبيداللّه قد اتّخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح، فإن يلِ يسِرْ بسيرة ابن عمّه أبي بكر»(1).
وقال: «إنّ عائشة لمّا انتهت إلى سرف راجعةً في طريقها إلى مكّة، لقيها عبد ابن أُمّ كلاب ـ وهو عبد بن أبي سلمة، ينسب إلى أُمّه ـ فقالت له: مهيم؟
قال: قتلوا عثمان، فمكثوا ثمانياً.
قالت: ثمّ صنعوا ماذا؟
قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الأُمور إلى خير مجاز، اجتمعوا على عليّ بن أبي طالب.
فقالت: واللّه ليت أنّ هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك. ردّوني.
فانصرفت إلى مكّة وهي تقول: قُتل ـ واللّه ـ عثمان مظلوماً، واللّه لأطلبنّ بدمه.
فقال لها ابن أمّ كلاب: ولمَ؟ فو اللّه إنّ أوّل من أمال حرفه لأنتِ، ولقد كنتِ تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر.
قالت: إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل…».
(1) تاريخ الطبري 4 : 407. (حوادث سنة 35).