3 ـ علي بن المديني (234):
ومنهم: ابن المديني، ترجم له الذهبي بـ«الشيخ الإمام الحجّة، أمير المؤمنين في الحديث»(1) وكذا غيره، وأكثروا من النقل عنه والإعتماد عليه في الرجال، لكنّ الذهبي أورده في ميزانه فذكر امتناع مسلم وإبراهيم الحربي من الرواية عنه وأنّ العقيلي ذكره في كتاب الضعفاء.
وروى الخطيب في تاريخه بترجمته قصّةً بسند صحيح: قال ابن أبي دؤاد للمعتصم: يا أمير المؤمنين! هذا يزعم ـ يعني أحمد بن حنبل ـ أنّ اللّه يُرى في الآخرة، والعين لا تقع إلاّ على محدود، واللّه لا يُحدّ. فقال: ما عندك؟! قال: يا أمير المؤمنين! عندي ما قاله رسول اللّه؛ قال: وما هو؟! قال: حدّثني غندر، حدّثنا شعبة، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير، قال: كنّا مع النبيّ في ليلة أربع عشرة، فنظر إلى البدر فقال: إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا البدر لا تضامون في رؤيته.
فقال لابن أبي دؤاد: ما تقول؟! قال: انظر في إسناد هذا الحديث. ثمّ انصرف.
فوجّه إلى علي بن المديني، وعلي ببغداد مُمْلِق، ما يقدر على درهم، فأحضره، فما كلّمه بشيء حتّى وصَلَه بعشرة آلاف درهم، وقال: هذه وصلك بها أمير المؤمنين؛ وأمر أن يُدفع إليه جميع ما استحقّ من أرزاقه، وكان له رزق سنتين، ثمّ قال له: يا أبا الحسن! حديث جرير بن عبداللّه في الرؤية ما هو؟ قال: صحيح، قال: فهل عندك عنه شيء؟ قال: يعفيني القاضي من هذا؛ قال: هذه حاجة الدهر. ثمّ أمر له بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه، ولم يزل حتّى قال له: في هذا الإسناد من لا يُعمل عليه ولا على ما يرويه…»(2).
وهذه القصّة مخلّة بعدالة الرجل كما هو واضح، ولذا اضطرب الخطيب والذهبي وغيرهما كيف يجيبون عنها… فراجع.
وأمّا ذِكر العقيلي له في الضعفاء، فقد انزعج منه الذهبي بشدّة، فقال له: «أفما لك عقل يا عقيلي؟! أتدري في من تتكلّم؟!» قال: «وهذا أبو عبداللّه البخاري، وناهيك به! قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني»(3).
(1) سير أعلام النبلاء 11 : 41 رقم 22.
(2) تاريخ بغداد 11 : 466، سير أعلام النبلاء 11 : 52.
(3) ميزان الاعتدال 3 : 140.