وبقي محذور اجتماع التصرّفين:
وهو ما أشار إليه شرّاح الحديث وعلماء الكلام، من أنّ الأخذ بظاهر حديث الغدير يسلتزم القول باجتماع الولايتين في آن واحد، «وفي اجتماع التصرّفين محذورات كثيرة»، والحال أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هو وحده الأوْلى بالتصرّف مادام حيّاً..
وهذه الشبهة أهون الشُبه في المسألة؛ وذلك لأنّا نقول بثبوت الولاية للإمام عليه السلام في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على حدّ ولايته، كما هو مقتضى حديث الغدير وغيره، وليس في «اجتماع الولايتين» أيّ محذور، نعم، في «اجتماع التصرّفين» محاذير ـ كما ذكر صاحب التحفة وغيره ـ لكنّ هذا إن كان هناك تصرّف، ولا ينبغي الخلط بين «الولاية» و«التصرّف»؛ لأنّ ثبوت الولاية لا يستلزم فعلية التصرّف، على أنّ محذور اجتماع التصرّفين إنّما هو في حال كون تصرّفه عليه السلام على خلاف إرادة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وهذا ما لم يتّفق صدوره منه، لا في حياته ولا بعد وفاته.
وهكذا تندفع الشبهات ـ التي أوردها المعتزلة على حديث الغدير، وأخذها منهم الفخر الرازي، ثمّ تبعه عليها المتكلّمون والمحدّثون الكبار ـ على الاحتجاج بحديث الغدير المتواتر سنداً، والثابت دلالةً.. والتي ردّ عليها علماؤنا في مختلف الأدوار.
ويرى القارئ الكريم أنّا لم ننقل إلاّ عن كتب القوم، ولم نعتمد إلاّ على أعلام علمائهم.. في التفسير والحديث واللّغة.
ولا بُدّ من التنبيه على أنّ ما أوردناه في حديث الغدير ملخّص من كتابنا الكبير(1)، فمن شاء المزيد فليرجع إليه.. واللّه ولي الهداية.
(1) نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار ـ في الردّ على التحفة الاثنى عشرية ـ قسم حديث الغدير، الأجزاء 6 ـ 9.