خامساً ـ زيادة توضيح لعنوان المراجعة
ونقول في تشييد كلام السيّد وتوضيح عنوان المراجعة ـ مضافاً إلى ما تقدّم ـ:
إنّه قد تمثّل التشيّع في القرون الثلاثة الأُولى بالقول بأفضلية عليٍّ عليه السلام من جميع الصحابة، وتقديمه على أبي بكر وعمر خاصّةً.. إلاّ أنّه قد مرّ بظروف صعبة جدّاً؛ فقد كانت السلطات تلاحق من عرفت فيه سمة من سمات التشيّع، حتّى الاسم مثل «علي» و«الحسن» و«الحسين»… فلم يجد الشيعة بُدّاً من إخفاء عقيدتهم في أهل البيت عليهم السلام، بل لقد جاء بترجمة بعض المحدِّثين أنّه كان علويّاً ولم يكن يظهر نَسبَه(1)، وكم من عالم محدِّث عُرض عليه سبُّ أمير المؤمنين والبراءة منه، فلمّا أبى عن ذلك أُوذي من قِبَل السلطة آنذاك وبكلّ قسوة!!(2).
وفي مثل هذه الظروف يكون التكلّم في عثمان، بل تفضيل عليٍّ عليه السلام عليه من أجلى آيات التشيّع، ومن أقوى الأدلّة على القول بإمامة عليٍّ عليه السلام بلا فصل؛ ولذا قال الدارقطني: «اختلف قوم من أهل بغداد، فقال قوم: عثمان أفضل، وقال قوم: عليّ أفضل، فتحاكموا إليَّ فأمسكت وقلت: الإمساك خير، ثمّ لم أرَ لديني السكوت وقلت للّذي استفتاني: ارجع إليهم وقل لهم: أبو الحسن يقول: عثمان أفضل من عليّ باتّفاق جماعة أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وهو أوّل عقد يحلّ في الرفض»(3).
والسبب في ذلك واضح؛ لأنّ القول بأفضليّة عليّ من عثمان يفضي إلى بطلان خلافة عثمان، وبذلك تبطل خلافة أبي بكر وعمر، لأنّ خلافة عثمان منهما وفرع على خلافتهما، ولذا كان سكوت الدارقطني مضرّاً بدينه!! ولذا أيضاً كان القول بأفضليّة عثمان أوّل عقد يحلّ في الرفض!!
أتصدّق أن يكون الراوي عن أبي سعيد الخدري: «إنّ عثمان أُدخل حفرته وإنّه لكافر باللّه» من القائلين بأنّ أبا بكر وعمر إماما هدىً؟!!
إنّه أبو هارون العبدي الشيعي، وقد روى ذلك عنه ابن عدي في الكامل حيث ترجمه، وذكر أسماء بعض الأكابر الّذين حدّثوا عنه، ثمّ قال: «وقد كتب الناس حديثه»(4).
لكن أوّل عقد يحلُّ في الرفض ـ حسب تعبيره ـ هو الدفاع عن معاوية والمنع من لعنه، وطرد من تكلّم فيه(5) وإيذاؤه، كما فعلوا بغير واحد من أئمّتهم..
لا أقول: إنّ كلّ من تكلّم في معاوية فهو شيعي إمامي(6).
بل أقول: بأنّ ذلك كان أحد الأساليب للإعلان عن العقيدة؛ لأنّ التكلّم في معاوية ينتهي إلى التكلّم في عمر فأبي بكر..
ولذا قال الذهبي في «يحيى بن عبدالحميد الحماني» ـ بعد قول ابن عدي: لا بأس به ـ: «قلت: إلاّ أنّه شيعي بغيض، قال زياد بن أيوب: سمعت يحيى الحماني يقول: كان معاوية على غير ملّة الإسلام. قال زياد: كذب عدوّ اللّه»(7)..
ولذا مزّقوا ما كتبوا عمّن روى مثالب معاوية(8).
ولعلّ هذا الذي ذكرناه هو مرادهم من قولهم بترجمة بعض الأعلام: «فيه تشيّع يفضي به إلى الرفض»(9).
وكيف يكون المحدِّث ابن أبي دارم الكوفي «مستقيم الأمر عامّة دهره» «ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب»؟!
إنّ معنى استقامة أمر الرجل أنْ يكون ثقةً صدوقاً في نقله، وكذلك كان ابن أبي دارم ـ المتوفّى سنة 351 ـ إلاّ أنّه من ناحية العقيدة كان يعيش في تقيّة عامّة دهره، فلا يتظاهر بما يخالف عقيدة الجمهور، حتّى آخر أيّام حياته، فلمّا حضرته الوفاة روى: «إنّ عمر رفس فاطمة حتّى أسقطت بمحسن»، وروى في قوله تعالى (وجاء فرعون…)(10): «جاء فرعون: عمر، وقبله: أبو بكر، والمؤتفكات: عائشة وحفصة» ومن هذا الوقت وصف بـ: «الرافضي الكذّاب»(11).
أقول:
أمّا كونه «رافضياً» فنعم، وأمّا كونه «كذّاباً» فلماذا وقد شهدتم باستقامته عامّة دهره؟!
إنّ هذا من موارد تناقضات الذهبي أيضاً؛ فقد نصّ في غير موضع على أنّ الرفض غير مضرٍّ بالوثاقة، وتبعه على ذلك ابن حجر في مقدّمة فتح الباري حيث يريد الدفاع عن كتاب البخاري، لكنّه ـ هو الآخر ـ ناقض نفسه في مواضع كثيرة.
ولو أنّك راجعت ميزان الاعتدال والمغني في الضعفاء للذهبي، لوجدته يجرح ويضعّف ـ لا سيّما في الثاني ـ كثيراً من الأعلام ورجال الحديث، لا لشيء فيهم سوى التشيّع..
وكذا ابن حجر في تهذيب التهذيب ولسان الميزان.
فما أكثر تناقضات القوم في كلّ باب!!
ولكنّ اللّه تعالى شاء أنْ يشتمل أصحّ كتب القوم على روايات ثلّة من الرجال المشاهير، مع وصفهم لهم بـ: «الغلوّ في التشيّع» أو بـ: «الرفض»، ومع تصريحهم بتراجم كثير منهم بأنّه «كان يشتم…» ونحو ذلك، ممّا يدلُّ على كونهم من القائلين بإمامة أمير المؤمنين بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مباشرةً، وهو مذهب الشيعة الإمامية(12).
ففي ترجمة (أبان بن تغلب): «كان مذهبه مذهب الشيعة، وهو معروف في الكوفيّين»، و: «كان غالياً في التشيّع».
وفي ترجمة (إبراهيم بن أبي يحيى): «كذّاب رافضي».
وفي ترجمة (أحمد بن المفضّل): «كان من رؤساء الشيعة».
وفي ترجمة (إسماعيل الملائي): «كان شيعيّاً من الغلاة الّذين يكفّرون عثمان».
وفي ترجمة (السدّي): «يشتم أبا بكر وعمر».
وفي ترجمة (إسماعيل الفزاري): «يشتم السلف».
وفي ترجمة (تليد بن سليمان): «رافضي يشتم أبا بكر وعمر».
وفي ترجمة (جابر الجعفي): «رافضي يشتم».
وفي ترجمة (جعفر بن سليمان): «البغض ما شئت».
وفي ترجمة (جمع بن عميرة): «من عتق الشيعة».
وفي ترجمة (أبي النعمان الأزدي): «من المحترقين في التشيّع».
وفي ترجمة (الحارث الهمداني): «كان غالياً في التشيّع» «نقم عليه إفراطه في حبّ عليٍّ وتفضيله له على غيره».
وفي ترجمة (الحسن بن حي): «كان لا يترحّم على عثمان».
وفي ترجمة (خالد بن مخلد القطواني): «كان شتّاماً معلناً بسوء مذهبه».
وفي ترجمة (داود بن أبي عوف ـ أبي الجحاف ـ): «شيعي، عامّة ما يرويه في فضائل أهل البيت».
وفي ترجمة (زبيد اليامي): «من أهل الكوفة الّذين لا يحمدون على مذاهبهم».
وفي ترجمة (سالم بن أبي حفصة): «كان من رؤوس مَن ينتقص من أبي بكر وعمر».
وفي ترجمة (سعد بن طريف): «يفرط في التشيّع».
وفي ترجمة (سلمة بن الفضل): «كان أهل الري لا يرغبون فيه لسوء رأيه».
وفي ترجمة (سليمان بن قرم): «كان رافضياً غالياً».
وفي ترجمة (شريك القاضي): «أنت تنتقص أبا بكر وعمر».
وفي ترجمة (عبّاد بن يعقوب): «كان داعية إلى الرفض» «يشتم عثمان» و«السلف».
وفي ترجمة (عبداللّه بن عمر ـ مشكدانة ـ): «كان غالياً في التشيّع».
وفي ترجمة (عبدالرحمن بن صالح الأزدي): «ألَّف كتاباً في مثالب الصَّحابة، رجل سوء».
وفي ترجمة (عبدالرزّاق بن همّام): «مذهبه مذهب التشيّع، و«حدّث بأحاديث في الفضائل لم يوافقه عليها أحد، وبمثالب لغيرهم مناكير».
وفي ترجمة (عبدالملك بن أعين): «كان رافضياً» و: «من عتق الشيعة».
وفي ترجمة (عبيداللّه بن موسى): «شيعي منحرف».
وفي ترجمة (عثمان بن عمير): «رديء المذهب، يؤمن بالرجعة»(13).
وفي ترجمة (عدي بن ثابت): «رافضي غال».
وفي ترجمة (العلاء بن صالح): «من عتق الشيعة».
وفي ترجمة (علي بن زيد بن جدعان): «كان رافضياً».
وفي ترجمة (علي بن صالح): «هو من سلف الشيعة وعلمائهم».
وفي ترجمة (علي بن غراب): «كان غالياً في التشيّع».
وفي ترجمة (علي بن هاشم بن البريد): «كان مفرطاً في التشيّع».
وفي ترجمة (فطر بن خليفة): «مذهبه مذهب الشيعة» و: «خشبي(14) مفرط».
وفي ترجمة (موسى بن قيس الحضرمي): «من الغلاة في الرفض».
وفي ترجمة (نفيع بن الحارث): «يغلو في الرفض».
وفي ترجمة (هارون بن سعد): «رافضي بغيض».
وفي ترجمة (يزيد بن أبي زياد): «من أئمّة الشيعة الكبار».
وتلخّص:
إنّ «التشيّع» ليس إلاّ «الرفض» لخلافة من تقدّم على عليٍّ عليه السلام، وقد كان هذا هو المرتكز في أذهان الناس وعند قدماء علماء الجرح والتعديل، الّذين تكلّموا في الرواة الموصوفين بالتشيّع، وضعّفوهم وردّوا أحاديثهم بهذا السبب..
وأمّا الفصل بين المصطلحين المذكورين، بتخصيص «التشيّع» بمن يتكلّم في معاوية وعائشة وطلحة والزبير، أو يتكلّم فيهم وفي عثمان، أو يقدّم عليّاً عليه، وجعل «الرفض» لمن يقدّم عليّاً على أبي بكر وعمر، كما جاء في كلام الذهبي وابن حجر، وتبعهما عليه بعض الكتّاب المعاصرين، فهو على إطلاقه غير صحيح؛ لأنّ من الموصوفين بالتشيّع بسبب التكلّم في معاوية مَن هو من أهل السُنّة يقيناً، كالنسائي، الذي لاقى ما لاقى من أهل الشام كما هو معروف، وفيهم مَن هو من القائلين بإمامه عليٍّ عليه السلام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، كالرواجني، الذي وصِف أيضاً بالمبتدع تارةً وبالرافضي أُخرى..
وأمّا المتكلّمون في عثمان، فهم قائلون بإمامة عليٍّ عليه السلام كذلك يقيناً، إلاّ أنّهم كانوا في تقيّة، وما كان بإمكانهم أنْ يتظاهروا بعقيدتهم إلاّ بهذه الطريقة، ثمّ إنّ جماعةً كبيرةً منهم باحوا بعقيدتهم، من رفض خلافة مَن تقدّم على أمير المؤمنين، والتكلّم فيه، كما جاء بترجمتهم.
ولا يخفى إنّ هذا التحقيق في أحوال المائة، الّذين ذكرهم السيّد ـ طاب ثراه ـ إنّما جاء على ضوء كلمات القوم، وبغضّ النظر عمّا في كتب أصحابنا عنهم، وإلاّ فإنّ العديد منهم يعدّون من أخصّ أصحاب الأئمّة المعصومين، عليهم وعلى جدّهم صلوات ربّ العالمين.
قال السيّد:
«هذا آخر من أردنا ذكرهم في هذه العجالة، وهم مائة بطل من رجال الشيعة، كانوا حجج السُنّة وعيبة علوم الأُمّة، بهم حفظت الآثار النبوية، وعليهم مدار الصحاح والسُنن والمسانيد، ذكرناهم بأسمائهم، وجئنا بنصوص أهل السُنّة على تشيّعهم، والاحتجاج بهم… وأظنّ المعترضين سيعترفون بخطئهم في ما زعموه من أنّ أهل السُنّة لا يحتجّون برجال الشيعة… في سلف الشيعة ممّن يحتجّ أهل السُنّة بهم ـ غير الذي ذكرناهم ـ وانّهم أضعاف أضعاف تلك المائة عدداً، وأعلى منهم سنداً، وأكثر حديثاً، وأغزر علماً، وأسبق زمناً، وأرسخ في التشيّع قدماً، ألا وهم رجال الشيعة من الصحابة… وفي التابعين… ممّن يستغرق تفصيلهم المجلّدات الضخمة…»(15).
أقول:
وقد أوضحنا ـ وللّه الحمد ـ مقاصد السيّد وشيّدنا مطالبه، بما لا مزيد عليه، ولا يدع مجالاً للمكابرة..
ومن المعلوم، إنّ التشيّع لعليٍّ عليه السلام بمعنى تقديمه على غيره من الصحابة والقول بإمامته وخلافته بعد رسول اللّه بلا فصل، إنّما يتحقّق بالاقتداء به واتّباعه والأخذ منه، وكذلك بالأئمّة المعصومين من بعده، عملاً بقول الرسول الأكرم: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه، وعترتي أهل بيتي، ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا…»، وقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق»(16).
فالشيعة في أُصول الدين وما يجب الاعتقاد به من المبدأ وصفاته والمعاد، وفروعه من الأحكام الشرعية، من الحلال والحرام وغير ذلك، تبعٌ للكتاب المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولباب مدينة العلم وأهل العصمة..
فإيمانهم بالرجعة ـ مثلاً ـ يرجع إلى الكتاب والسُنّة، وعملهم بالتقيّة ـ أحياناً ـ امتثالٌ لأمر اللّه ورسوله ـ وقد وجدنا إنّ أئمّة العامّة عملوا بها في مسألة خلق القرآن، كما رأينا إنّ جمعاً من الأعلام منهم يروون حديث الرجعة ويقولون بها ـ وهكذا في سائر الشؤون.
فالشيعة الإمامية أهل السُنّة النبوية حقيقةً، وهم المسلمون حقّاً، وهم أهل النجاة في الآخرة..
وعلى غيرهم إقامة الدليل القطعي على صحّة عقائدهم وأعمالهم وأقوالهم.. وأنّى لهم ذلك..
ومن شاء التفصيل فليرجع إلى كتب العقائد..
والحمد للّه ربّ العالمين.
هذا تمام الكلام في هذه المراجعة، وبه يتمّ الكلام في المبحث الأوّل من كتاب المراجعات.
(1) انظر مثلاً: ترجمة أبي عبداللّه بن المطبقي في تاريخ بغداد 8 : 97.
(2) انظر مثلاً: ترجمة عطيّة العوفي في تهذيب التهذيب 7 : 200، وترجمة مصدع المعرقب في تهذيب التهذيب 10 : 143، ولهما نظائر كثيرون ويصعب حصرهم.
(3) سير أعلام النبلاء 16 : 457.
(4) انظر: ترجمة أبي هارون العبدي ـ من رجال الترمذي وابن ماجة ـ في ميزان الاعتدال 3 : 173، والكامل ـ لابن عدي ـ 6 : 146.
(5) بل عليهم أنْ يدافعوا عن يزيد!! ولذا قال التفتازاني بعد أن لَعَنَ يزيد بن معاوية وكلّ من حمل ظلماً على أهل البيت عليهم السلام: «فإنْ قيل: فمن علماء المذهب من لم يجوّز اللعن على يزيد مع علمهم بأنّه يستحقّ ما يربو على ذلك ويزيد. قلنا: تحامياً عن أنْ يُرتقى إلى الأعلى فالأعلى، كما هو شعار الروافض…». شرح المقاصد 5 : 311.
(6) فالحاكم النيسابوري صاحب المستدرك على الصحيحين لا نعدّه شيعياً إماميّاً لمجرّد تصحيحه على شرط البخاري ومسلم حديث الطير ونحوه من الأحاديث المعتبرة الدالّة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، أو لمجرّد انحرافه عن معاوية وتكلّمه فيه بصراحة ووضوح..
ولكنْ إذا ثبت قول ابن طاهر فيه: «كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة»، وأنّه كان يقول: إنّ عليّاً وصيّ، ـ ولهذه الأُمور وغيرها وصفه بعضهم بـ: «رافضي خبيث» ـ؛ كان من القائلين بإمامة مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا الأساس أورده السيّد رحمه اللّه في المائة، واللّه العالم.
(7) ميزان الاعتدال 4 : 392.
(8) انظر مثلاً: ميزان الاعتدال 1 : 27.
(9) سير أعلام النبلاء 17 : 507، ترجمة ابن السمسار الدمشقي.
(10) سورة الحاقّة 69 : 9.
(11) ميزان الاعتدال 1 : 139.
(12) اقتصرنا على الشخصيّات الّذين استشهد بهم السيّد، وإلاّ فهم أكثر وأكثر.
(13) العقيدة بالرجعة من عقائد الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وهي في مجملها: القول بأنّ اللّه يرجع إلى الدنيا عليّاً والأئمّة والمخلصين من شيعتهم، في زمن المهدي عليه السلام، ويرجع أيضاً رؤساء الظلم والنفاق في هذه الأُمّة، فينتقم أولئك من هؤلاء..
وكأنّ القول بالرجعة عند الجمهور نقص موجبٌ للضعف، مع أنّ به آيات من القرآن الكريم؛ قال أبو حريز البصري ـ من رجال البخاري في التعاليق والأربعة ـ: هي 72 آية. تهذيب التهذيب 5 : 164.
وبه روايات معتبرة كثيرة، وقد قال به بعض الصحابة كأبي الطفيل ـ كما في المعارف ـ وعدّة من الأئمّة من غير الإمامية.
كما أنّ في كتب الجمهور أيضاً أحاديث في وقوع ذلك في زمن بعض الأنبياء، وفي زمن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، بل لقد رووا أنّ رسول اللّه أرجع إلى الدنيا والديه وعرض عليهما الإسلام ـ في ما يروون ـ فقبلا، وعادا فماتا. انظر: شرح المواهب اللدنّية 1 : 166 ـ 168.
ولو شئنا التفصيل لفعلنا، لكنّه خارج عمّا نحن بصدده الآن، وبما ذكرناه الكفاية.
(14) من ألقاب القائلين بإمامة عليٍّ عليه السلام بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأنّ إمامة غيره باطلة، في كلام النواصب.
(15) المراجعات: 104 ـ 105.
(16) قد تقدّم البحث عن الحديثين سابقاً. وأمّا الرواية: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وسُنّتي» كما في بعض كتب القوم فقد حقّقنا في رسالة مفردة أنْ لا سند لها، ولا يتمّ لها معنىً إلاّ بالرجوع إلى أهل بيت الهدى. فراجع: الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السُنّة.