تشكيك الآمدي:
لكنّهم متى كان الحديث يضرّ بمذهبهم في الخلافة حاولوا تضعيفه أو التشكيك في صحّته، حتّى مع كونه في الصحيحين وبطرق متعدّدة!! ولذا تراهم يستندون في الجواب عن حديث المنزلة إلى تشكيك الآمدي..
قال في شرح المواقف: «والجواب: منع صحّة الحديث كما منعه الآمدي…»(1).
هذا، مع علمهم بحال الآمدي، الذي ذكر الذهبي أنّه: «قد نُفي من دمشق لسوء اعتقاده، وصحّ أنّه كان يترك الصلاة. نسأل اللّه العافية»(2).
وعجيبٌ أمر هؤلاء!!
فمتى شاءت أهواؤهم رجعوا إلى كتابي البخاري ومسلم لإثبات حديث، قائلين: هو من أحاديث الصحيحين، أو لردّ حديث، متشبّثين بعدم إخراج الشيخين له، ومتى ما شاءت أهواؤهم أنْ يردّوا حديثاً، تكلّموا فيه وشكّكوا في صحّته، مع وجوده فيهما، متناسين ما يزعمونه لهما من المنازل والمقامات، في اليقظة والمنامات!!
وكذلك الاعتماد على الأشخاص والاستناد إلى أقوالهم، فلو راجعت كتبهم في الحديث والرجال، لرأيتهم يكثرون من النقل عن عبدالرحمن بن خراش والأخذ بآرائه، لكنّه لمّا قال بكذب حديث: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة» جعلوا يسبّونه سبّ الّذين كفروا(3)!!
وأيضاً تراهم يعتمدون في جرح من أرادوا جرحه على تجريحات أبي الفتح الأزدي، فإنْ جَرَح من يريدون توثيقه قالوا: «ليت الأزدي عرف ضعف نفسه!!»(4).
وعلى الجملة، فإنّهم يتّبعون الأهواء والميول في الردّ والقبول، للأحاديث والأقوال، ولنكتفِ بهذا القدر لضيق المجال..
هذا كلّه في ما يتعلّق بجهة السند.
وفي جهة الدلالة نقاط:
(1) شرح المواقف 8 : 362 ـ 363.
(2) ميزان الاعتدال 2 : 259.
(3) راجع ترجمته في: تذكرة الحفّاظ، سير أعلام النبلاء، ميزان الاعتدال 2 : 600.
(4) سير أعلام النبلاء 13 : 389.