النظر في سند الحديث المحرَّف
أمّا تحريفه حديث ابن عبّاس؛ فلم يذكر له سنداً.
وأمّا تحريفه حديث أبي سعيد؛ فهو في «باب المناقب» بالسند التالي: «حدثني عبداللّه بن محمّد، حدّثني أبو عامر، حدّثني فليح، قال: حدّثني سالم أبوالنضر، عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري»..
وفي باب «الخوخة والممرّ في المسجد» بهذا السند: «حدّثنا محمّد بن سنان، قال: حدّثنا فليح، قال: حدّثنا أبو النضر، عن عبيد بن حنين، عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري».
فمداره ـ كماترى ـ على «فليح بن سليمان»، وقد عرفته سابقاً عند الكلام على رواية مسلم، وعلمت أن لفظ الحديث عن هذا الرجل «الخوخة» لا «الباب»، فما عند البخاري هنا محرَّف قطعاً، وقد تقدّم كلام بعض الشرّاح في محاولة توجيهه.
ثمّ إنّ في سند البخاري في «باب الخوخة والممرّ في المسجد» مشكلة أُخرى، وهي: إنّ «عبيد بن حنين» لا يروي عن «بسر بن سعيد» وهذا ما نصّ عليه القوم واضطربوا في توجيهه كذلك:
قال ابن حجر: «قال الدارقطني: هذا السياق غير محفوظ، واختلف فيه على فليح(1)…»، فذكر ثلاثة أوجه مختلفة، ثمّ شرع في الجواب عن هذا الاعتراض والدفاع عن البخاري.
هذا في مقدّمة فتح الباري، في الحديث الرابع من الأحاديث التي اعترض فيها على البخاري.
وأمّا في شرح الحديث، فقد حاول دفع الإشكال بأنّ الحديث عند «أبي النضر» عن شيخين هما «بسر» و «عبيد»، وأنّ «فليحاً» كان يجمعهما مرّةً ويقتصر على أحدهما أُخرى. هكذا قال، لكنّه اضطرّ إلى الاعتراف بالخطأ فقال: «فلم يبق إلاّ أنّ محمّد بن سنان أخطأ في حذف الواو العاطفة، مع احتمال أن يكون الخطأ من فليح حال تحديثه له به».
هذا بالنسبة إلى حديث «الخوخة» وألفاظه وأسانيده.
(1) مقدّمة فتح الباري: 349.