* أمّا السند:
فقد قيل:
«حديث: أنا وليّ من بعدي(1)، في سنده: أبو بلج يحيى بن سليم الفزاري… وقال ابن تيميّة: وكذلك قوله: هو وليّ كلّ مؤمن من بعدي، كذب على رسول اللّه….
أمّا حديث عمران بن حصين، ففيه: جعفر بن سليمان الضبعي….
أمّا حديث بريدة، ففيه: أجلح بن عبداللّه أبو حجيّة الكندي الكوفي….
أمّا حديث ابن عبّاس، الذي ذكر فيه عشر خصائص لعليّ، وجاء في الحديث: أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي، فقد بيّنا القول فيه عند التعليق على هذا الحديث في المراجعة 26، ونقلنا قول ابن تيميّة…».
أقول:
أوّلاً: إنّ السيّد اقتصر على الأحاديث السبعة المذكورة من باب الاختصار، وإلاّ فإنّ حديث الولاية مخرَّج في كتب الجمهور عن أمير المؤمنين عليه السلام، والإمام الحسن السبط عليه السلام، وأبي ذرّ الغفاري، وأبي سعيد الخدري، والبراء ابن عازب، وأبي ليلى الأنصاري، وغيرهم أيضاً(2).
وثانياً: إنّه قد أورد هذه الأحاديث عن مصادر أهل السُنّة، ونقل تصحيح بعض الحفّاظ منهم، فلو كان ثمّة اعتراض فهو على علماء القوم أنفسهم.
وثالثاً: هناك تصريحاتٌ من غير واحد من الأئمّة الحفّاظ المرجوع إليهم في معرفة الأحاديث بشأن حديث الولاية:
فحديث ابن عبّاس: أخرجه أبو داود الطيالسي، قال: «حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال لعليّ: أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي»(3)..
فقال الحافظ ابن عبدالبرّ: «هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد؛ لصحّته وثقة نقلته»(4)، ونقل الحافظ المزّي هذا الكلام وأقرّه(5).
وحديث عمران بن حصين: أخرجه ابن أبي شيبة، قال: «حدّثنا عفّان، ثنا جعفر بن سليمان، قال: حدّثني يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين»(6).
فقال الحافظ السيوطي: «أخرجه ابن أبي شيبة وصحّح»(7)، ثمّ نصّ هو على صحّته، ووافقه الشيخ علي المتّقي على ذلك(8).
وكما صحّحه ابن أبي شيبة.. فقد صحّحه ابن جرير الطبري أيضاً(9).
وصحّحه ابن حبّان أيضاً؛ إذْ أخرجه في صحيحه(10).
وصحّحه الحاكم النيسابوري على شرط مسلم(11).
وأدخله النسائي في صحاحه، كما اعترف ابن عدي والذهبي(12).
والذهبي رواه عن أحمد والترمذي ـ قال: وحسّنه ـ والنسائي، ووافق عليه(13).
وقال الحافظ ابن حجر: «أخرج الترمذي بإسناد قويّ عن عمران بن حصين…»(14).
وحديث بريدة: رواه ابن حجر في شرح البخاري في بعض أسانيده عن أحمد والنسائي، ثمّ قال: «وهذه طرق يقوى بعضها ببعض»(15).
وحديث ابن عبّاس، الذي ذكر فيه عشر خصائص لأمير المؤمنين عليه السلام، تقدَّم الكلام بشأنه، ولا نكرّر.
ورابعاً: قد ذكر السيّد ثلاثة أحاديث أُخرى، لكنّ المعترض أغفلها!
وخامساً: وبما ذكرنا يظهر اندفاع الإشكال في أسانيد هذه الأحاديث، ويتمّ وثاقة «أبي بلج يحيى بن سليم الفزاري»، و«جعفر بن سليمان»، و«أجلح بن عبداللّه أبي حجيّة الكندي الكوفي».
ومع ذلك نورد بعض الكلمات في حقّ كلّ واحد منهم:
(1) كذا.
(2) راجع كتابنا الكبير: نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 16 : 247 ـ 251.
(3) مسند أبي داود الطيالسي: 360 برقم 2752.
(4) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 : 1092.
(5) تهذيب الكمال 20 : 481.
(6) المصنّف 12 : 79 / 12170.
(7) القول الجلّي في مناقب سيّدنا عليّ: 60 ح 40.
(8) كنز العمّال 11 : 608 برقم 32941.
(9) كنز العمّال 13 : 142 برقم 36444.
(10) صحيح ابن حبّان 15 : 373 / 6929.
(11) المستدرك على الصحيحين 3 : 110.
(12) ميزان الاعتدال 1 : 410 بترجمة جعفر بن سليمان.
(13) تاريخ الإسلام 3 : 630.
(14) الإصابة في تمييز الصحابة 4 : 271.
(15) فتح الباري 8 : 54 كتاب المغازي.