الحكم على ابن تيمية!!
إذاً، فقد ثبت نزول الآية في أمير المؤمنين عليه السلام، ولا يناقش أحد في هذه الجهة إلاّ إذا كان جاهلاً أو كان مغرضاً عنيداً.
فما رأيك ـ حينئذ ـ بابن تيمية القائل: «وقد وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى: إنّ هذه الآية نزلت في عليّ لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة. وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل»(1)..
و: «أجمع أهل العلم بالنقل على أنّها لم تنزل في عليّ بخصوصه، وإنّ عليّاً لم يتصدّق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أنّ القصّة المروية في ذلك من الكذب الموضوع»(2)..
و: «جمهور الأُمّة لم تسمع هذا الخبر»(3).
فالحكم عليه بما يقتضيه الدين والعلم والعدل!!
وأمّا أتباع ابن تيمية فلا يسوون عندنا فلساً، لكونهم جهّالاً لا يملكون إلاّ التقليد الأعمى له والتعصّب للهوى؛ وإن كنت في ريب فانظر إلى كلامهم هنا:
قيل:
«إنّا نجزم أنّ هذه الأحاديث لا يصحّ منها شيء ولم يثبت منها حديث تقوم به الحجّة.. أمّا مجرّد عزوها إلى تفسير الثعلبي أو أسباب النزول للواحدي فليس ذلك بحجّة باتّفاق أهل العلم، لأنّ أهل السُنّة لا يثبتون بهذه المراجع شيئاً يريدون إثباته مهما كان هذا الشيء؛ لأنّها جمعت بين الصحيح والضعيف والموضوع، وإنّ المفسّرين لم يتفقّوا على أنّ الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب، بل اختلفوا».
أقول:
قد عرفت أنّ غير واحد من أسانيد الحديث صحيح، وأنّ الإحالة لم تكن إلى مجرّد تفسير الثعلبي وأسباب النزول للواحدي وكنز العمّال..
ونحن أيضاً نرى أنّ هذه الكتب تجمع بين الصحيح والضعيف والموضوع، وكذلك الكتب الأُخرى، وحتّى الموسومة بالصحاح، لكنّ الاستدلال في هذا المقام إنّما هو بما صحَّ، سواء كان في الكتب المذكورة أو غيرها.
على أنّه قد تقدّم عن الآلوسي: إنّ عليه أغلب المحدّثين، وما كان عليه أغلب محدّثي السُنّة، وكافّة الإماميّة أيضاً فلا شكّ في صدقه وثبوته.
وأمّا اجماع المفسّرين، فقد عرفت أنّه اعتراف جملة من أكابر القوم، فإن كانوا كاذبين عليهم فما ذنبنا؟!
وعلى الجملة، فقد تبيّن أنْ ليس عند أتباع ابن تيمية إلاّ التقليد، ولم نرَ منهم إلاّ تكرار أباطيله من غير تحقيق أو تدبّر.
ونكتفي بهذا في بيان نزول الآية في أمير المؤمنين على ضوء روايات القوم وكلمات علمائهم، وهذا هو المهمُّ في الاستدلال؛ لأنّ دلالة الآية على مطلوب أهل الحقّ واضحة تماماً.
(1) منهاج السُنّة 2 : 30.
(2) منهاج السُنّة 7 : 11.
(3) منهاج السُنّة 7 : 17.