و من نصوص الحديث بالأسانيد:
* أمّا الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام، فهي عند الحافظ القاضي الحسكاني(1) حيث قال:
«أخبرنا أحمد بن الوليد بن أحمد ـ بقراءتي عليه من أصله ـ قال: أخبرني أبو العبّاس الواعظ، حدّثنا أبو عبداللّه محمّد بن الفضل النحوي ـ ببغداد، في جانب الرصافة، إملاءً سنة 331 ـ حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريّا البصري، حدّثنا الهيثم بن عبداللّه الرمّاني، قال: حدّثني عليّ ابن موسى الرضا، حدّثني أبي موسى، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب، قال:
لمّا مرض الحسن والحسين عادهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال لي: يا أبا الحسن! لو نذرت على ولديك للّه نذراً أرجوا أن ينفعهما اللّه به، فقلت: علَيّ للّه نذر لئن برئ حبيباي من مرضهما لأصومنّ ثلاثة أيّام، فقالت فاطمة: وعلَيَّ للّه نذر لئن برئ ولداي من مرضهما لأصومنّ ثلاثة أيّام، وقالت جاريتهم فضّة: وعلَيَّ للّه نذر لئن برئ سيّداي من مرضهما لأصومنَّ ثلاثة أيّام…» وذكر حديث إطعامهم المسكين واليتيم والأسير، قال:
«فلمّا كان يوم الرابع، عمد عليّ ـ والحسن والحسين يرعشان كما يرعش الفرخ ـ وفاطمة وفضّة معهم، فلم يقدروا على المشي من الضعف، فأتوا رسول اللّه، فقال: إلهي هؤلاء أهل بيتي يموتون جوعاً، فارحمهم يا ربّ واغفر لهم، هؤلاء أهل بيتي فاحفظهم ولا تنسهم.
فهبط جبرئيل وقال: يا محمّد! إنّ اللّه يقرأ عليك السلام ويقول: قد استجبت دعاءك فيهم، وشكرت لهم، ورضيت عنهم، واقرأ (إنّ الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً ـ إلى قوله ـ إنّ هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً)»(2).
* وأمّا الرواية عن زيد بن أرقم، فهي عند الحافظ القاضي الحسكاني أيضاً، رواها بسنده:
«عن زيد بن أرقم، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يشدّ على بطنه الحجر من الغرث، فظلّ يوماً صائماً ليس عنده شيء، فأتى بيت فاطمة، والحسن والحسين متكئا، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا فاطمة! أطعمي ابنيّ.
فقالت: ما في البيت إلاّ بركة رسول اللّه.
فالقاهما رسول اللّه بريقه حتّى شبعا وناما.
وافطر فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ثلاثة أقراص من شعير، فلمّا أفطر وضعناها بين يديه، فجاء سائل فقال: أطعموني ممّا رزقكم اللّه.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: يا عليّ! قمْ فأعطه.
قال: فأخذت قرصاً فأعطيته.
ثمّ جاء ثان، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: قمْ يا عليّ! فأعطه؛ فقمت فأعطيته.
فجاء ثالث، فقال: قمْ يا عليّ! فأعطه؛ فأعطيته.
وبات رسول اللّه طاوياً وبتنا طاوين، فلمّا أصبحنا أصبحنا مجهودين، ونزلت هذه الآية: (ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً).
ثمّ إنّ الحديث بطوله اختصرته في مواضع»(3).
* أمّا الرواية عن ابن عبّاس، فهي المشهورة كما ذكرنا من قبل، ومن ذلك:
* ما رواه الحبري: «حدّثنا حسن بن حسين، قال: حدّثنا حِبّان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله: (ويطعمون الطعام على حبّه…): نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه السلام، أطعم عشاه وأفطر على القراح»(4).
* والواحِدي: «قال عطاء: عن ابن عبّاس، وذلك أنّ عليّ بن أبي طالب ـ رضي اللّه عنه ـ آجر نفسه يسقي نخلاً بشيء من شعير ليلةً، حتّى أصبح، فلمّا أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة، فلمّا تمّ إنضاجه أتى مسكين، فأخرجوا إليه الطعام، ثمّ عمل الثلث الثاني، فلمّا تمّ إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثمّ عمل الثلث الباقي، فلمّا تمّ إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك.
وهذا قول الحسن وقتادة»(5).
* وابن مردويه: «حدّثني محمّد بن أحمد بن سالم، حدّثني إبراهيم بن أبي طالب النيسابوري، حدّثني محمّد بن النعمان بن شبل، حدّثني يحيى بن أبي روق الهمداني، عن أبيه، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس…» فذكر الحديث، وفيه نزول الآية في أهل البيت عليهم السلام(6).
* وأبو نعيم: «أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني، أخبرنا بكر بن سهل الدمياطي، أخبرنا عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبّه) قال: وذلك أنّ عليّ بن أبي طالب آجر نفسه ليسقي نخلاً بشيء من شعير ليلةً، حتّى أصبح، فلمّا أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة، فلمّا تمّ إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثمّ عملا الثلث الثاني، فلمّا تمّ إنضاجه أتى أسير من المشركين، فسأل فأطعموه. وطووا يومهم ذلك»(7).
* والحاكم الحسكاني… رواه بأسانيد كثيرة(8)… ذكرنا واحداً منها.
ومنها: قوله: «حدّثني محمّد بن أحمد بن عليّ الهمداني، حدّثنا جعفر بن محمّد العلوي، حدّثنا محمّد، عن محمّد بن عبد اللّه بن عبداللّه، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس، في قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبّه) قال: نزلت في عليّ وفاطمة، أصبحا وعندهم ثلاثة أرغفة، فأطعموا مسكيناً ويتيماً وأسيراً، فباتوا جياعاً، فنزلت فيهم هذه الآية»(9).
ومنها: الحديث بسند آخر، سنذكره فيما بعد إن شاء اللّه.
* والبغوي: «أنبأنا أحمد بن إبراهيم الخوارزمي، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي، أنبأنا عبداللّه بن حامد…» إلى آخره كما سنذكره في الكلام حول أسانيد الثعلبي.
* وسبط ابن الجوزي: «أنبأنا أبو المجد محمّد بن أبي المكارم القزويني ـ بدمشق سنة 622 ـ قال: أنبأنا أبو منصور محمّد بن أسعد بن محمّد العطّاري، أنبأنا الحسين بن مسعود البغوي…»(10) إلى آخره كما تقدّم.
* وابن المغازلي الواسطي: «أخبرنا أبو طاهر محمّد بن عليّ بن محمّد البيّع، أخبرنا أبو عبداللّه أحمد بن محمّد بن عبداللّه بن خالد الكاتب، حدّثنا أحمد بن جعفر بن محمّد بن سلم الختلّي، حدّثني عمر بن أحمد، قال: قرأت على أُمّي فاطمة بنت محمّد بن شعيب بن أبي مدين الزيّات، قالت: سمعت أباك أحمد بن روح يقول: حدّثني موسى بن بهلول، حدّثنا محمّد بن مروان، عن ليث بن أبي سليم، عن طاووس في هذه الآية (ويطعمون الطعام…): نزلت في عليّ بن أبي طالب، وذلك أنّهم صاموا وفاطمة وخادمتهم، فلمّا كان عند الإفطار ـ وكانت عندهم ثلاثة أرغفة ـ قال: فجلسوا ليأكلوا، فأتاهم سائل فقال: أطعموني فإنّي مسكين، فقام عليّ فأعطاه رغيفه، ثمّ جاء سائل فقال: أطعموا اليتيم، فأعطته فاطمة الرغيف، ثمّ جاء سائل فقال: أطعموا الأسير، فقامت الخادمة فأعطته الرغيف.
وباتوا ليلتهم طاوين، فشكر اللّه لهم، فأنزل فيهم هذه الآيات»(11).
* والحمويني، رواه بأسانيد له عن عبداللّه بن عبدالوهّاب الخوارزمي، بسنده عن القاسم بن بهرام، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس… بطوله، المشتمل على الأشعار…(12).
* وأبو عبداللّه الكنجي، رواه بإسناده الآتي ذكره، عن الأصبغ، باللفظ المشتمل على الأشعار كذلك(13).
* وستأتي في غضون البحث أسانيد أُخرى.
(1) وسنترجم له في ذيل قوله تعالى: (واعتصموا بحبل اللّه جميعاً).
(2) شواهد التنزيل 2 : 299 / 1042.
(3) شواهد التنزيل 2 : 309 / 1061.
(4) تفسير الحبري: 326.
(5) الوسيط في تفسير القرآن المجيد 4 : 401.
(6) ورواه الخطيب الخوارزمي بسنده إلى ابن مردويه في المناقب: 271 / 252.
(7) رواه الحاكم الحسكاني عن أبي نعيم، في شواهد التنزيل 2 : 307 / 1056.
(8) شواهد التنزيل 2 : 299 ـ 314.
(9) شواهد التنزيل 2 : 305 / 1053.
(10) تذكرة الخواص: 281.
(11) مناقب عليّ بن أبي طالب: 272 ـ 274.
(12) فرائد السمطين 2 : 53 ـ 56.
(13) كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب: 345 ـ 349.