وأمّا الآية السابعة:
فهي نازلة في علي والوليد بلا نزاع كما ذكر السيّد، والعجب من هذا المفتري المتقوّل أنه طالما يستند إلى تفسير ابن كثير، وزاد المسير في التفسير لابن الجوزي، وأمثالهما من المتعصبين، أمّا هنا فلا يأخذ بما جاء في تلك الكتب من الحق المبين!!
أمّا رواة نزول الآية المباركة في القضية المذكورة، فكثيرون جدّاً، نكتفي بذكر أسماء من نقل عنهم الحافظ السيوطي في الدر المنثور(1) وهم:
1 ـ ابن إسحاق.
2 ـ ابن جرير.
3 ـ ابن أبي حاتم.
4 ـ الخطيب البغدادي.
5 ـ ابن مردويه الاصفهاني.
6 ـ أبو الحسن الواحدي.
7 ـ أبو أحمد ابن عدي.
8 ـ ابن عساكر.
أمّا ابن الجوزي، فهذا نصّ كلامه:
«في سبب نزولها قولان، أحدهما: إنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعلي ابن أبي طالب: أنا أحدّ منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملأ للكتيبة منك. فقال له علي: اسكت فإنّما أنت فاسق، فنزلت هذه الآية، فعنى بالمؤمن عليّاً وبالفاسق الوليد.
رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عطاء بن يسار وعبدالرحمن بن أبي ليلى، ومقاتل.
والثاني: أنّها نزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل. قاله شريك.
قوله تعالى: (لا يستوون) قال الزجاج: المعنى: لا يستوي المؤمنون والكافرون، ويجوز أن يكون لاثنين، لأنّ معنى الأثنين جماعة، وقد شهد اللّه بهذا الكلام لعلي عليه السلام بالإيمان وأنّه في الجنّة، لقوله (أمّا الذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى) وقرأ ابن مسعود وطلحة بن مصرف: جنّة المأوى، على التوحيد» انتهى(2).
فانظر كيف ذكر القولين، مقدّماً القول الحق، ثم طبّق الآية على أمير المؤمنين عليه السلام، دون غيره.
وقد ذكر «عبدالرحمن بن أبي ليلى» في أصحاب القول الأوّل، ممّا يدلّ على جلالة الرجل والإعتماد عليه.
وأمّا ابن كثير، فقال بعد ذكر الآيات: «وقد ذكر عطاء بن يسار والسدّي وغيرهما أنّها نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط، ولهذا فصل حكمهم فقال: (أمّا الذين آمنوا وعملوا الصّالحات) أي: صدّقت قلوبهم بآيات اللّه وعملوا بمقتضاها وهي الصّالحات (فلهم جنات المأوى) أي التي فيها المساكن والدور والغرف العالية (نزلاً) أي ضيافةً وكرامةً (بما كانوا يعملون)»(3).
فقد ذكر القول الصحيح ولم يناقش فيه، ولم يذكر غيره أصلاً.
ثم إنّ من رواة هذا الخبر: ابن أبي حاتم، وقد رواه عن «عبدالرحمن بن أبي ليلى» قال السيوطي: «وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدالرحمن بن أبي ليلى رضي اللّه عنه في قوله (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون) قال: نزلت في علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه والوليد بن عقبة»(4).
وقد أثنى ابن تيمية على (تفسير ابن أبي حاتم) ووافق على رواياته فيه، فأتباعه ملزمون بذلك!!
ثم إنّ الرواية في أسباب النزول بسنده عن «عبيداللّه بن موسى قال: «أخبرنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس» و«ابن أبي ليلى» هو «عبدالرحمن بن أبي ليلى» كما عرفت من (تفسير ابن أبي حاتم) و (زاد المسير) أيضاً، وهذا الرجل من رجال الصحاح الستّة»(5).
فقول المتقول: «وفي سنده محمّد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى» من خياناته أو جهالاته!!
و«عبيداللّه بن موسى» ـ وهو العبسي الكوفي ـ من رجال الصحاح الستة أيضاً(6).
فأين ضعف هذا السند يا منصفون؟
ولاحظوا كيف نتكلَّم؟ وكيف أعداء أهل البيت يتكلَّمون؟
(أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون…).
واللّه أحكم الحاكمين
* * *
(1) الدر المنثور 6 : 553.
(2) زاد المسير 6 : 340 ـ 341.
(3) تفسير القرآن العظيم 6 : 369.
(4) الدر المنثور 6 : 553.
(5) تقريب التهذيب 1 : 496.
(6) تقريب التهذيب 1: 539.