قوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وكونوا مع الصادقين)(1).
قوله السيّد رحمه اللّه:
«والصادقين الّذين قال: (وكونوا مع الصادقين)».
فقال في الهامش:
«والصادقون هنا: رسول اللّه والأئمّة من عترته الطاهرة، بحكم صحاحنا المتواترة، وهو الذي أخرجه الحافظ أبو نعيم، وموفّق بن أحمد، ونقله ابن حجر في تفسير الآية الخامسة من الباب 11 من صواعقه، ص 233، عن الإمام زين العابدين، في كلام له، أوردناه في أواخر المراجعة 6»(2).
فقيل:
«هذه الآية نزلت في كعب بن مالك، والثلاثة الّذين خلّفوا، حينما طلب منه أن يعتذر ويكذب، كما فعل المنافقون، لكنّه صدّق اللّه ورسوله، فتاب اللّه عليه ببركة الصدق.
وهذا ثابت في الصحيح.
ثمّ إنّ لفظ الآية عامّ وليس هناك دليل على تخصيصه.
وفي تفسير ابن كثير 2 : 399… وعن عبداللّه بن عمر في قوله: (اتّقوا اللّه وكونوا مع الصادقين).
قال: مع محمّد وأصحابه.
وقال الضحّاك: مع أبي بكر وعمر وأصحابهما.
وقال الحسن البصري: إن أردت أن تكون مع الصادقين فعليك بالزهد في الدنيا والكفّ عن أهل الملّة.
وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيميّة على قول من قال: إنّها نزلت في عليٍّ، بجواب ضاف من أحد عشر وجهاً، فارجع إليه في منهاج السُنّة 4 : 72».
أقول:
إنّ مجمل الكلام في وجه الاستدلال بالآية المباركة هو: إنّ كون المراد من (الصادقين) هنا: رسول اللّه والأئمّة الطاهرون من عترته، هو القول المرويّ عند الفريقين، ولا ريب في أنّ المجمع عليه أَولى بالقبول والاتّباع من القول المتفرّد به، فإنّ قول عبداللّه بن عمر، أو الضحّاك، أو غيرهما، لو ثبت عنهم، لا يكون حجّةً علينا، كما سيأتي قول هذا المتقوّل في آية الذِكر، في الجواب عمّا رواه العلاّمة البحراني: «فإنّه ليس بحجّة علينا».
على أنّ استشهاده بأقوال هؤلاء ـ نقلاً عن ابن كثير ـ يناقض قوله: «إنّ لفظ الآية عامّ، وليس هناك دليل على تخصيصه».
وأمّا ذِكره نزول الآية في كعب بن مالك وغيره، فلا فائدة فيه، لأنّ سبب النزول لا يكون مخصّصاً، كما تقرّر عند الجميع، مضافاً إلى ذِكره أقوال المفسّرين بتفسير الآية المباركة.
وكذلك، لا فائدة في الإحالة إلى منهاج السُنّة، لأنّ المفروض أنّه بصدد الردّ على استدلال السيّد، فكان عليه أن يناقش في سند أو دلالة ما استند إليه السيّد في هذا المقام، وهذا ما لم يفعله، وإنّما اكتفى بالإحالة إلى منهاج السُنّة، وبنقل ما ظنّه مفيداً له ممّا جاء في تفسير ابن كثير، فكان في الحقيقة عاجزاً عن الجواب.
هذا مجمل الكلام.
وأمّا تفصيله بما يسعه المقام فهو في فصول:
(1) سورة التوبة 9 : 119.
(2) المراجعات: 26 ـ 27.