قوله تعالى: (وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم)(1).
قال السيّد:
«وما كان اللّه ليعذّبهم وهم أمان أهل الأرض ووسيلتهم إليه».
قال في الهامش:
راجع من الصواعق المحرقة لابن حجر تفسير قوله تعالى: (وما كان اللّه ليعذّبهم) وهي الآية السابعة من آيات فضلهم التي أوردها في الباب 11 من ذلك الكتاب، تجد الاعتراف بما قلناه(2).
فقيل:
بالرجوع إلى الأحاديث التي اعتمدها لتفسير الآية الكريمة تبيّن أنّها أحاديث هالكة وضيعفة، حتّى ابن حجر الهيثمي ـ وهو ليس من رجال هذا الشأن (أعني علم الحديث) ـ حكم عليها بالضعف، ولكنّ المؤلّف أوهم ولبّس على عادته.
هذا، فضلاً عن أنّ أحداً من المفسرين الذين يعتد برأيهم لم يقل بمثل هذا القول.
على أن سبب نزولها ما رواه البخاري عن أحمد ومحمّد بن النضر، كلاهما عن عبداللّه بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، عن عبدالحميد صاحب الزيادي، عن أنس بن مالك، قال هو أبو جهل بن هشام قال (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو أتنا بعذاب أليم) فنزلت (وما كان اللّه ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون) ابن كثير 2 : 304.
أقول:
لا يخفى أنّ السيد طاب ثراه بصدد الإشارة إلى آيات فضل أهل البيت عليهم السلام، بالنظر إلى الأحاديث الواردة في تفسيرها أو المناسبة لها، إستناداً إلى كتب القوم المعروفة المشهورة.
والمقصود هنا ـ جمعاً بين قوله تعالى: (وما كان اللّه ليعذّبهم…) وبين قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «أهل بيتي أمان لامّتي» ـ: أنّ من فضلهم عليهم السلام هو أنّ اللّه تعالى وعد الامّة المحمدية بعدم الزوال والضلال ما دام أهل البيت فيهم وكانت الامّة متّبعةً لهم… كما وعدهم بذلك ما داموا يستغفرون….
فهم أمان للأُمّة، كما أنّ الاستغفار أمان….
فليس المقصود بيان سبب نزول الآية، أو أنّ أحداً من المفسّرين فسّرها بأهل البيت.
وعلى الجملة، فإنّ الجمع بين الآية والرواية يثبت فضيلةً لأهل البيت عليهم السلام، لا توجد لغيرهم، فلذا كان علي وأولاده الطاهرون أفضل الناس ـ بعد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ عند اللّه، وأقربهم إليه.
وهذا الحديث قد تقدّمت الإشارة إليه بالاجمال في ذيل حديث السفينة، وهو مروي في كتب القوم المعتبرة بألفاظ عديدة، وله شواهد أُخرى أيضاً، وكلّ ذلك من رواية أعلام الحديث وأئمّة الحفّاظ من المتقدّمين والمتأخّرين.
* * *
(1) سورة الأنفال 8 : 33.
(2) المراجعات: 31.