قوله تعالى: (وعلى الأعراف رجال يعرفون…).
قال السيّد:
وهم رجال الأعراف الّذين قال: (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاًّ بسيماهم)(1)
فقال في الهامش:
أخرج الثعلبي في معنى هذه الآية من تفسيره عن ابن عبّاس قال: الأعراف موضع عال من الصراط، عليه العباس وحمزة وعلي وجعفر ذو الجناحين، يعرفون محبّيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه.
وأخرج الحاكم بسنده إلى علي قال: نقف يوم القيامة بين الجنة والنار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه.
وعن سلمان الفارسي: سمعت رسول اللّه يقول: يا علي، إنّك والأوصياء من ولدك على الأعراف… الحديث.
ويؤيّده حديث أخرجه الدارقطني ـ كما في أواخر الفصل الثاني من الباب 9 من الصواعق: إنّ عليّاً قال للستّة الّذين جعل عمر الأمر شورى بينهم، كلاماً طويلاً، من جملته: أُنشدكم باللّه هل فيكم أحد قال له رسول اللّه: يا علي! أنت قسيم الجنّة والنار يوم القيامة، غيري؟ قالوا: اللّهمّ لا.
قال ابن حجر: معناه ما رواه عنتره، عن علي الرضا، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم قال له: يا علي أنت قسيم الجنّة والنار، فيوم القيامة تقول للنار هذا لي وهذا لك.
قال ابن حجر: وروى ابن السماك: إنّ أبا بكر قال لعلي: سمعت رسول اللّه يقول: لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب له علي الجواز(2).
فقيل:
نقل ابن الجوزي في تفسيره تسعة أقوال في رجال الأعراف، وليس من هذه الأقوال قول واحد ينطبق على ما أراده المؤلّف ومن على شاكلته، وهناك سبعة من هذه الأقوال لو رضينا بوصف أهل البيت بواحد منها لكان قدحاً بهم لا مدحاً، وهناك قولان هما مدح محض لرجال الأعراف وهما:
الرابع: إنهم قوم صالحون فقهاء علماء. قاله الحسن ومجاهد.
والسابع: إنهم أنبياء. حكاه ابن الأنباري.
ولا يخفى ما فيهما من بعد عمّا أراده المؤلّف.
أقول:
نقل القرطبي بتفسير الآية جميع الأقوال، ومنها ما رواه الثعلبي فقال: «وذكر الثعلبي بإسناده عن ابن عبّاس في قوله عزّ وجلّ: (وعلى الأعراف رجالٌ)قال: الأعراف موضع عال على الصراط، عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين، رضي اللّه عنهم، يعرفون محبّيهم ببياض الوجوه ومبغضيهم بسواد الوجوه»(3).
فكان على ابن الجوزي أيضاً أن ينقل هذا القول، ولكنّا ما رأينا الخير منه إلاّ قليلاً جدّاً!!
على أنّه أي بعد للقول الرابع من الأقوال التي نقلها ابن الجوزي عن ذلك؟
ثم إنّ تفسير الآية بما ذكر عن ابن عبّاس، قد حكاه عنه الضحّاك، وقد أكثر ابن الجوزي من ذكر أقوال الضحّاك في تفسيره.
هذا، وقد وردت الرواية بذلك من طرق القوم عن أمير المؤمنين عليه السلام، فقد ذكر الحاكم الحسكاني بإسناده أن ابن الكواء سأله عن الآية هذه فقال: «ويحك يا ابن الكواء، نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار، فمن ينصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار»(4).
وأمّا الشواهد والمؤيّدات لهذا التفسير فكثيرة، وقد أشار السيد إلى بعضها، كحديث «لا يجوز أحد الصّراط…» وقد ذكرناه في بحوثنا السابقة.
* * *
(1) سورة الأعراف 7 : 46.
(2) المراجعات: 31 ـ 32.
(3) الجامع لأحكام القرآن 7 : 212.
(4) شواهد التنزيل 1 : 198 / 256.